"جرصة" واللى ما يشترى يتفرج
"العاجز في التدبير.. يحيل على المقادير"، مثل شهير عن الإنسان الفاشل والعاجز عن تدبر أمره، وحين تحل الكارثة يبحث عن الأعذار أو يحيلها إلى القدر والمكتوب.. وقد نتقبل ذلك التبرير إذا كان الضرر فرديا، لكن إذا حلت كارثة عامة على البلد نتيجة رعونة وحماقة شخوص وضعوا في المكان الخطأ وتولوا مسئولية ليسوا أهلا لها، هنا لابد من وقفة صارمة تطير معها رءوس تسببت فيما حدث، وهذا تحديدا ما يجب أن يتخذ حيال الدكتورة باكينام الشرقاوي ومعها وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود.
الأولى يا سادة، عُينت مساعدة للرئيس وصراحة لا أجد لها محلا من الإعراب، أدارت جلسة حوار وطني واحدة وفشلت فشلا ذريعا، وسببت أزمة عندما وجهت الشكر للرئيس عبر "تويتر"، على اختيارها نائبة لرئيس الوزراء، وكأن حكومة قنديل بحاجة لكوارث أخرى، ثم ثبت عدم صحة المعلومة التي كتبتها بنفسها، لكن أن تسبب لمصر وشعبها "فضيحة وأزمة دولية"، عندما تقرر منفردة بث جلسة مناقشة السد الأثيوبي دون أن تخبر المشاركين أنهم على الهواء مباشرة، فهذا أمر جلل لا ينفع معه اعتذارها ولا حتى إقالتها، بل يجب محاكمتها جنائيا، ومعها وزير إعلام لا يجيد إلا لغة التحرش بالنساء، والسير على درب "أخونة" ماسبيرو وتلميع صورة الرئيس بفيلم يشبهه فيه بالنبي موسى.
"خطيئة"، باكينام وعبدالمقصود فضحت مصر أمام العالم على الهواء مباشرة، والأكثر مرارة من الفضيحة أن إثيوبيا التي لا ننظر إليها بعين الاعتبار كدولة استغلت "الجرصة" الرئاسية لتشكو مصر لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وقد تكون فكرة اختصام مصر دوليا هبطت على حكومتها من قادة المؤامرة ضد مصر وهم أمريكا وإسرائيل وقطر، لكن ما يعنينا أن الرئاسة المصرية منحتهم إياها "مقشرة" باعتمادها على حمقى سواء وزراء أو مساعدين.
إثيوبيا تجرأت لأول مرة في التاريخ على تحويل مجرى نهر النيل، لتحرم مصر من المياه، ولو كانت وجدت من يردعها لما فكرت في بدء مشروعها الكارثي، مثلما لم تجرؤ أيام الرئيس السابق مبارك، لأنه أظهر لها "العين الحمراء"، وتمكن من استقطاب دول أفريقية أخرى وأقنعها بعدم التوقيع على بناء السد.
مصر "العسكرية"، القوية ردعت إثيوبيا ومن تسول له نفسه الاقتراب من حقوقها التاريخية، فعرف الآخر "حده ووقف عنده"، أما مصر "الإخوانية" فأصبحت "ملطشة" لميليشيات حماس وحزب الله، والجماعات الإرهابية والمتاجرين بالدين ومجوس إيران، وأشباه الدول مثل قطر، وقبلهم الولايات المتحدة وإسرائيل.. الجميع استغل ضعف الرئاسة وتفرغها لأخونة مصر، وراح يضرب ضربته مع كل "سقطة" وأزمة تسببها القرارات الرئاسية، وأحدثها وليس آخرها قطعا، ما حدث في جلسة البث المباشر لمناقشة أزمة المياه، وما تضمنتها بداية من الإبداع اللغوي والرياضي للرئيس مرسي بـ"مص" صدمة السد الأثيوبي، وكأنه "قاعد على الترعة مع عود قصب"، والحسبة المئوية "اللي محدش فهم منها حاجة"، وصولا إلى اقتراحات المشاركين عن العمل العسكري والمخابراتي والاتفاق مع القبائل وغيرها، وهو الذي استغلته الحكومة الإثيوبية في مقاضاة مصر دوليا بتهمة تحريض الدول المجاورة ضد إثيوبيا لافتعال أزمات وإشعال الحرب في القرن الأفريقي الملتهب من الأساس، كما اعتبرت الكلام عن اختراق المخابرات الإثيوبية تدخلا في الشأن العام الذي يجرمه القانون الدولي، وأن النقل المباشر لوقائع الاجتماع بمثابة إدانة كاملة لمصر، ما يجعل الملاحقة القضائية الدولية يسيرة.
هذا واقعنا المرير رئاسيا وحكوميا، أما الجيش فمازال يكتفي بالتحذير وأنه لن يسمح ولا ندري إلى متى؟ الكوارث تحيق بنا، وقادته لا تبالي مكتفية بـ "لن نسمح"، والمعارضة حتى الآن ليس لها تأثير يستحق التنويه، بقي فقط رموز مصر ورجالاتها العقلاء الغائبين عن المشهد تماما، لكن نقول للجميع "أليس بينكم رجل رشيد؟!".