رئيس التحرير
عصام كامل

الخلع في مصر.. "الكوميديا السوداء"

امرأة تطلب الخلع من زوجها بسبب "مبيعملش لايك على منشوراتي"، أو "بيشرب حليب أطفالها"، أو"توظيف خادمة فلبينية لوالدته العجوز المصابة بالمرض"، أو "يجعلني أستيقظ على صوت فرقعة البالونات"، أو "طلبت منه جهازاً مكيفاً للمطبخ فرفض".

هذه أحدث أسباب بعض قضايا الخلع في مصر، والتي دفعتني لكتابة هذا المقال، فلم أكن أتصور إنني سأجد كل هذه "الكوميديا السوداء" من وجهة نظري، فإلى هذا الحد وصل بنا الحال؟ أهذه أسباب منطقية تدفع زوجة ناضجة عاقلة لرفع دعوى قضائية لطلب الخلع من زوجها؟ وتدمير حياتها وأولادنا بمنتهى البساطة!

كشفت النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام  2018 والتي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع عدد إشهادات الطلاق في الحضر ليبلغ 121714 إشهادا عام 2018 تمثل 57.5٪ من جملة الإشهادات مقابل 108224 إشهادا عام 2017، بنسبة زيادة 12.5٪. وسجلت أعلى نسبة طلاق بسبب الخلع إلى 83.5%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق بسبب تغيير الديانة، وبلغ عدد الأحكام بها 5 أحكام تمثل 0.1% من جملة الأحكام النهائية.

83.5% من نسب الطلاق كانت بسبب الخلع، فهذه النسبة مفجعة، ولابد أن نتوقف عندها، لنبحث عن الأسباب التي آلت بنا إلى هذا الحال. فكلنا نتفق على أن الخلع حق ممنوح للمرأة، تلجأ له عندما تشعر أن حياتها مع زوجها مستحيلة، وأن الزوج يتعنت في طلاقها، ولكن متى يجب عليها أن تستخدم هذا الحق؟

واقرأ أيضا: المجتمع عايزك «خاينة»!

فالمرأة منذ زمن ليس ببعيد كانت تحنق على الرجل بسبب سيطرته عليها، وامتلاكه لحق تطليقها، وكانت تعتبر أو بمعنى أدق كان المجتمع يحنق على الرجل بسبب إنه المتحكم الوحيد في استمرارية العلاقة من عدمها، ومع ذلك قلما سمعنا عن زوج طلق زوجته لأي سبب من الأسباب "التافهة" السابق ذكرها، ثم منح هذا الحق للمرأة لكي لا تشعر بالقهر، لكي تستخدمه مع الرجل الذي لا يعرف عن الرجولة شيئا، فهناك العديد من الذكور وليس الرجال لا يتحمل المسئولية ، أو يلجأ إلى العنف في معاملته مع زوجته، أو يتعاطى المخدرات على سبيل المثال، وغيرها من الأسباب الجوهرية التي تجبر المرأة على البعد عن هذا الرجل بإي وسيلة كانت.. ولكن!

ثمة فهم خاطئ من قبل المرأة لهذا الحق، فارتفاع نسبة معدلات الخلع بهذا الشكل ما هو إلا انعكاس لمدى الجهل والاستهتار الذي آل إليه حال مجتمعنا، فكيف يتم هدم بيت وحرمان الطفل من العيش في جو أسري صحي لهذه الأسباب الواهية.

اقرأ أيضا: مجلس قومى للأسرة المصرية

فإذا بحثنا في الأمر، سنجد أن السبب الرئيسي يعود لأسرة الزوجين والتي لم تنجح في زراعة القيم والمبادئ وتحمل المسئولية واتخاذ القرارات السليمة، فضلا عن التعليم الذي يتجاهل طوال مراحله التعليمية كيفية بناء العلاقات الإنسانية وأهميتها في حياة الفرد، والمجتمع أيضا مسئول وأثم  بسبب المغالاة في المطالبة بحرية المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة من البعض دون توضيح لمعنى الحرية الحقيقي، وما هي أوجه المساواة التي يجب أن تمنح  للمرأة.

فعلى الرغم من كوني إمرأة إلا إنني أؤمن بمقولة كانت ترددها جدتي قديما "الرجل رجل والست ست".

يا سيدتي، عندما تقرري الزواج، يجب أن تتعاملي معه على إنه "حياة" وليس محطة في حياتك، حياة كاملة تبني فيها بيت وأسرة وأولاد، وأن لجوءك للخلع في حالات الضرورة القصوى فقط، أما إذا رزقك الله برجل حقيقي فلا تفرطي فيه، لأنه أصبح عملة نادرة في هذا الزمن الذي نعيش فيه، فإذا كان يتحمل مسئولية بيته، ويوفي بالتزامته تجاهك ويعاملك بالحسنى، فماذا تريدين أكثر من ذلك إذن!

الجريدة الرسمية