انقلاب "الأغلبية" على قانون "المحليات".. النواب يرفضون إجراء الانتخابات خوفًا من "مقبرة الصناديق".. ومطالب بالتأجيل
"انقلاب مكتمل الأركان" نفذته الأغلبية داخل مجلس النواب، ضد مشروع قانون الإدارة المحلية، فبعد مطالبات عديدة خرجت من جانبها حول أهمية الإسراع في مناقشة ومن ثم إقرار "المشروع"، فوجئ الدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان، بموقف الأغلبية الرافض لمناقشة مشروع القانون الذي ينظم انتخابات المجالس المحلية، والمطالبة بتأجيله، بحجة عدم استعدادهم للانتخابات، بعدما كان هؤلاء النواب ينادون من قبل بسرعة تشكيل المجالس المحلية، لتخفيف العبء عنهم في مشكلات الدوائر وخدمات المواطنين، ليتفرغوا لدورهم التشريعى والرقابى.
رد فعل وفى أول رد فعل من رئيس «النواب» على انقلاب «الأغلبية»، قال الدكتور على عبد العال: «أتعجب من موقف حزب مستقبل وطن، فهو المفروض يكون أحرص من كده على إقرار القانون، لأنه حزب شبابى ولديه كوادر يمكن الدفع بها في الانتخابات في المحافظات كافة، وتأجيل القانون ستكون مسئولية يتحملها المجلس، لا سيما منطق ترتيب الأولويات يؤكد أن ذلك القانون يأتي أولا».
تعقيب «عبد العال» جاء تعقيبًا على مطالبة المهندس أشرف رشاد رئيس حزب مستقبل وطن، بتأجيل مناقشة القانون، لحين علاج بعض الإشكاليات الدستورية به، إلى جانب منح فرصة للأحزاب السياسية للاستعداد لانتخابات المحليات.
الوفد وحماة الوطن المثير في الأمر هنا أن المفاجأة لم تأت من حزب واحد فقط، بل كانت من أغلب رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب، ومنها الوفد وحماة الوطن والحرية والسلام الديمقراطى وغيرها، في الوقت الذي أيّد فيه حزبا التجمع ومصر بلدى، مناقشة القانون.
وفى هذا السياق قالت مصادر قريبة من نواب الأغلبية: إن «السبب الحقيقى وراء موقف النواب الرافض لمشروع قانون الإدارة المحلية، ليس في عواره الدستورى كما أعلنوا خلال كلماتهم بالجلسة العامة، بل هو عدم إرادتهم إجراء انتخابات المجالس المحلية قبل انتخابات مجلس النواب المقبل والمقرر إجراؤها نوفمبر المقبل، وذلك ليضمنوا التفاف وتأييد شعبى كبير لهم بالانتخابات».
وأوضحت المصادر، أنه «حال إجراء انتخابات المجالس المحلية، قبل انتخابات البرلمان المقبل، سيتسبب ذلك في خلق صراعات كبيرة بين النواب الحاليين وبين كل من لم يفوز بانتخابات المحليات في دوائرهم، بل يمكن القول إن كل من لن يفوز بالمحليات سيكون في عداء واضح من نواب دائرته، كما سيكون معارضا شرسا لهم في انتخابات البرلمان وسيدعم أي مرشح منافس لهم في محاولة للانتقام منهم، وذلك نتيجة وجود قناعة لدى الراغبين في الترشح بالمحليات عبر تاريخ المجالس المحلية، بأن هناك دورا مؤثرا لأعضاء مجلس النواب، في اختيار وفوز أعضاء المجالس المحلية، عبر تدخلهم في اختيارات الأحزاب لمرشحي الانتخابات المحلية، والتي تنال دعم الأحزاب في الانتخابات التي تجرى في الشارع، ما يجعل فرصة مرشحى الأحزاب بالفوز قوية.
يذكر هنا أن المتابع للمشهد السياسي عبر تاريخه، يعرف أن ما قالته المصادر، هو التصور الأقرب للحقيقة، حيث هناك مقولة تتداول في الأوساط السياسية عبر تاريخ المجالس المحلية، تقول، «المحليات مقبرة النواب»، والتي تشير إلى أن انتخابات المحليات تؤدى إلى نتائج وخيمة على النواب، بسبب ما تفرزه نتائج الانتخابات من عداوات وصراعات وانشقاقات، بعد فوز مجموعة وعدم فوز آخرين، والذين بدورهم يتحولون إلى أعداء للنواب.
تأجيل المناقشة وبعد حالة الرفض المفاجئ لنواب الأغلبية، لمشروع القانون، اضطر الدكتور على عبد العال، لتأجيل مناقشته لجلسة أخرى، دون إقرار إعادته للجنة الإدارة المحلية أو تعديله من عدمه، ما يعنى إمكانية طرحه للمناقشة مرة أخرى بالجلسة العامة في أي وقت، وهو الأمر الذي يتخوف منه نواب الأغلبية حاليا، رغم امتلاكهم لأغلبية التصويت حال البدء في مناقشة القانون دون إرادتهم.
حيث بدا ذلك من خلال التصريحات المستمرة التي يحرص نواب الأغلبية على إعلانها عبر وسائل الإعلام يوميا، حول ضرورة إعادة صياغة القانون وعدم مناقشته في الوقت الحالي، والتى لم يخل بعضها من الهجوم على رئيس البرلمان، بسبب موقفه من إقرار القانون حاليا، كالتزام دستورى، وفى نفس الوقت يصدر نواب آخرون تصريحات تؤيد سرعة مناقشة القانون وإقراره مؤيدين موقف رئيس المجلس.
ومن جانبه قال الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، مقدم مشروع قانون الإدارة المحلية: رفض عدد كبير من النواب مناقشة قانون المحليات، كان مفاجأة، والأغرب أن من بينهم الهيئة البرلمانية الأكبر داخل المجلس، التي تعلم أن رفضهم للقانون يأتى بسبب عدم جاهزيته لانتخابات المحليات.
وأضاف «فؤاد» أن «الحزب الذي لا يكون جاهزا لخوض أي استحقاق انتخابي لا يجب الاعتراف به وكذلك لن يعترف به الشارع متسائلا: ترى ماذا يخوفنا كدولة من إجراء انتخابات المحليات رغم أن الرئيس دعا أكثر من مرة ووجه بسرعة إصدار القانون»، ومشيرًا إلى أنه «هناك من يسعى لتعطيل خروج مشروع قانون الإدارة المحلية للنور، وذلك من أجل تحقيق مصالح شخصية على حساب الوطن».
نقلًا عن العدد الورقي...