حق مستحق لعبد الله كمال
وحقوق الصديق، مع حفظ الألقاب، عبد الله كمال عندى كثيرة، ولن تتسع له هذه المساحة الضيقة، وسأقول بعضاً منها: أولها أنه هو الذى تحمل بشجاعة نشر حوار الطظ الشهير الذى أجريته مع مهدى عاكف الرئيس السابق للتنظيم السرى للإخوان، رغم أن فيه نقد عنيف وجارح للحزب الوطنى ورئيسه مبارك. والحقيقة أنه فعل ذلك ليس لأنه فقط كان أحد قيادات الحزب الوطني، ولكن لأنه يرى أن هذا التنظيم السرى خطر على الدولة المصرية، وهو ما أثبتته الأيام بعد الثورة وبعد أن استولوا على البلد.
فمن هم مثله، عبد الله، لم يكن التحاقهم بالحزب الوطنى لكى يستفيدوا، ولكن لأنهم كانوا يؤمنون بأن هناك إمكانية للتطور الديمقراطى من داخل النظام. وقد فعلوا ذلك بالفعل. ولم يكن صديقى وحده، فقد كانت هناك كوكبة من الذين يحبون البلد واختاروا هذا الطريق، ومنهم الدكتور على الدين هلال ومجدى الدقاق والدكتور حسام بدراوى وغيرهم. والحقيقة أنهم لم يستفيدوا مادياً. وإن كان عبد الله قد حصل على رئاسة تحرير روزاليوسف فهو يستحقها، فهو موهوب وكفء.
صحيح أن هناك من اختلفوا مع صديقى لحدته الشديدة، وكنت منهم، ولكنى فعلت ذلك من على أرضية المحبة، ولم يحدث أن انزعج ، بل على العكس كان ينصت باهتمام شديد، وهو يعرف .اختلافى السياسى مع بعض أفكار صديقي، واختلافى وهو منشور مع النظام السابق، ومع مشروع تطويره من داخله. لكن هذا لم يمنع ابداً أننى كنت محظوظاً بالعمل معه عدة سنوات. ومن خلال تجربتي، فالحقيقة أنه من أفضل من عملت معهم طوال أكثر من 30 عاماً فى الصحافة. فقد كانت خلافات العمل تنتهى مثل اتفاقات العمل فى دقائق. ولم يحدث أبداً أن غير اتفاقاتنا التحريرية فى صفحة "صحافة وصحفيين" التى كنت أتولى الإشراف عليها. ولم يحذف حرفاً مما كتبته، بل وهو رئيس التحرير الوحيد الذى لم يمنع لى مقالة من النشر، رغم أننى كنت أنتقد الحزب الوطني. بل وفى إحدى المقالات كتبت مندداً بمقابلة الأستاذ مكرم محمد أحمد للرئيس مبارك قبل انتخابات نقابة الصحفيين واعتبرته تدخلاً لا يليق فى شأن نقابي. ومن المهم جهاز الكمبيوتر الخاص بى عليه فايل ممنوعات، يتضمن كل مقالاتى التى تم منعها مع كل رؤساء التحرير الذين كانوا يعارضون مبارك ويدافعون عن الحرية.
أما على المستوى الإنسانى فاعتزازى به لا حدود له، فهو الصديق الوفي، الذى يصدقك النصيحة وتجده بجوارك فى كل الأزمات دون حتى أن تطلبه. ولا يمكننى أن أنسى ما فعله عندما مررت بأزمة صحية عنيفة، فقد "هدَّ الدنيا" حتى أحصل على أفضل رعاية.
إنه عبد الله كمال الذى تأكدت جهات التحقيق من أنه لم يتربح ولم يكن فاسداً، ومع ذلك يتم التنكيل به الآن لأسباب سياسية، ممن يدَّعون الشرف والأخلاق والتدين. وقد علمتنى الحياة ألا أُصدق أقوال الرجال ولا انتماءاتهم السياسية، ولكن أفعالهم. فليس المهم أين أنت ولكن الأهم هو ماذا تفعل، وماذا تقدم للبلد.