أوغلو: أردوغان يستعد لأكثر المقامرات خطورة في حياته
قال الكاتب التركي المعارض تورجت أوغلو، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستعد للعب أكثر المقامرات خطورة في حياته السياسية، بعدما وافقت الجمعية العامة للبرلمان التركي أمس الخميس على تفويضه بإرسال قوات إلى ليبيا في أي وقت، حيث صوت 325 عضوًا برلمانيًّا بالموافقة، في مقابل تصويت 185 عضوًا بالرفض.
وأكد الكاتب التركي المعارض، أن تركيا أصبحت أول دولة تعلن رسميا أنها من الممكن أن تشارك في الحرب الليبية بالفعل، إلا أننا لا نعلم بعدُ على وجه التحديد إذا كانت قد اتخذت هذا القرار من أجل ردع خصومها ومنافسيها أم أنها ستدفع إلى الساحة المليشيات المتعاونة معها كما فعلت في سوريا.
ولفت إلى أنه في الوقت الذي اتخذ البرلمان التركي قرار الحرب في ليبيا، اجتمع زعماء اليونان وقبرص وإسرائيل في العاصمة اليونانية أثينا ليوقعوا على اتفاقيةٍ تنص على بناء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا. لذا يعزو بعض المحللين تبكير البرلمان التركي موعد عقد جلسته الاستثنائية إلى 2 يناير بعد أن كان مقررًا في 7 يناير إلى أن أنقرة أرادت الرد على تلك الدول الثلاث بخطوة مماثلة.
وأشار إلى أن تركيا كانت قد أعلنت أنها تهدف إلى توسيع المناطق التي يمكنها التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط بدعوى مجاورة حدودها البحرية لدولة ليبيا من جانب؛ وعرقلة جهود منافسيها في المنطقة اليونان ومصر في الصدد ذاته من جانب آخر.
وأوضح أنه بعدما دخلت تركيا في الحرب السورية بذريعة الحفاظ على حدودها الوطنية، نرى أنها تسوق الذريعة نفسها في المسألة الليبية وتزعم أن التصدي للتهديدات التي قد تأتي من الأراضي الليبية يشكل أحد أسباب إرسالها قوات إلى سوريا. وانطلاقًا من هذه الاستراتيجية الجديدة المخالفة للسياسة التركية الخارجية التقليدية، لا يستبعد بعض المراقبين أن يتوجه أردوغان إلى بلدان أخرى للغرض ذاته بعد ليبيا.
وأشار إلى أن الحرب أفضل وأجدى طريقة ليضمن أردوغان بقائه في السلطة في الوقت الذي يشهد الاقتصد تدهورًا سريعًا، ويفقد قوته السياسية بسبب الأحزاب الجديدة التي يؤسسها القادة المنشقون من حزبه. ولن يتجنب أردوغان إلغاء جميع المؤسسات السياسية والديمقراطية في البلاد بحجة هذه الحرب في الأيام القادمة إذا ما تفاقمت حالة الاختناق السياسية التي يعاني منها.
وأوضح أن المصير الذي ينتظر أردوغان في ليبيا مجهول للغاية، وذلك لما يلي: أولاً؛ إرسال تركيا قوات عسكرية إلى ليبيا لن يكفي بمفرده إدارة حرب فعالة هناك، بل هذا يتطلب منها التدخل بالطائرات والسفن الحربية أيضًا. وهذا أمر سيؤدي إلى خسائر كبيرة في الحرب، وسيمهد الطريق أمام تدخل القوى العظمى.
وثانيا؛ مبادرة تركيا إلى إطلاق حرب فعالة قد تحمل الدول الأخرى المناصرة الداعمة لخليفة حفتر، على اتخاذ خطوة مماثلة، وهو الأمر الذي قد يفضي إلى حرب إقليمية جديدة.
وثالثا؛ لا نعلم بعدُ أي نوع من السياسة ستتبعها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة في الفترة القادمة حيث لم تنزل تلك القوى إلى الساحة بكل ثقلها بعدُ. نرى أن أردوغان يبذل جهودًا جبارة لاستقطاب روسيا إلى جانبه؛ في حين أن الولايات المتحدة حذرت تركيا وطالبتها بالابتعاد عن الحرب في ليبيا. أما فرنسا؛ أقوى دولة في البحر الأبيض المتوسط، فتستعرض قواتها البحرية في المنطقة.
ورابعا؛ قبل إرسال قوات عسكرية تركية، بدأ أردوغان يرسل الجهاديين إلى ليبيا، لكن تعرض هذه القوات المتعاونة مع أردوغان لهزيمة محتملة سيؤدي إلى ظهور مشكلة كبيرة بين الطرفين.
وخامسا؛ إذا لم تستمر هذه الحرب المموّلة من طرف قطر وحكومة طرابلس على النحو المخطط، فلن يكون بمقدور الاقتصاد التركي تحمّل أعباء هذه الحرب.
وسادسا؛ في حال تدخل تركيا التي تستخدم اللغة المتعنترة بالمنطقة في الشركات الأمريكية والإسرائيلية التي تقوم بعمليات التنقيب في شرق المتوسط، فإن حدوث مواجهة بين تركيا وبين هاتين الدولتين سيشكل أسوأ سيناريو بالنسبة لأردوغان.
واختتم، أن تركيا اتخذت أمس قرارا تاريخيا، سيقود أردوغان معه بلاده إلى مستنقع لا رجعة منه أو سيحقق نجاحًا باهرًا من خلال نقل موارد ليبيا إلى تركيا. فهل ستسمح القوى الإقليمية والعالمية بتحقق البديل أو الخيار الثاني؟