رئيس التحرير
عصام كامل

مسلمون لا يعرفون الإخوان


خلال رحلتى من مطار الملكة علياء إلى الفندق الذي نزلت به في عمان، أمتعنى السائق "رامى" بحديث شيق عن وضعية المجتمع الأردنى المتسامح، وقدرته على إنجاز عملية تكافل حقيقية بين شرائحه المصنفة "سكنيًا" على الأرجح حسب تأكيده.



ولأن صوت المواطن في البلدان العربية صار معبرا عن حقيقة الأوضاع بالتوازى مع الأرقام الرسمية والتقلبات السياسية المستعصية على الفهم أحيانًا، أنقل إليكم إجاباته عن استفساراتى المؤيدة لحقيقة وصول معدل نمو الاقتصاد عند 2.75% وتراجع العجز إلى 5.25% في 2012 حسب صندوق النقد الدولى..

في الأردن 6.5 ملايين مواطن تقريبًا يعاني 1% فقط منهم "الأمية التكنولوجية" بعد اختفاء أمية القراءة والكتابة، نحو 2 مليون شخص من الجنسيات الأخرى يعيشون في عمان لأسباب ذات صلة بالاستثمار والسياحة والدراسة بأرقى الجامعات والأكاديميات العربية، الأحياء الفقيرة هى الأقل بين مناطق البلاد رغم تصنيف المجتمع بين طبقتين عليا ودنيا واختفاء الطبقة الوسطى قبل 5 سنوات تقريبًا بسبب ارتفاع معدلات التعليم الجامعى، والذي يحصل الخريج به على راتب شهرى من عمله يتراوح بين 1000 و1500 دينار، "قيمة تغيير عملة الدينار الأردنى وصلت 10.40 جنيهات مصرى".. أما الحاصلون على شهادات أقل من الجامعية فتتراوح أجورهم بين 400 و500 دينار، إلا أن هذه الفوارق لها أسبابها المرتبطة بإقبال المؤسسات والهيئات على قبول عمل الخريجين بها بعد حصولهم على دورات متخصصة وتدريبات غير قصيرة في مجالهم، بخلاف أن هذه الفوارق في الدخول لا تعنى انقسام المجتمع بين غنى وفقير، بل تسمح للبعض بالتميز "سكنيًا" على الآخر، أما المؤسسات والمراكز الاجتماعية والتنموية فترعى أنشطة لا تسمح بالعوز في التحكم بإرادة المواطنين.

حتى طلاب الجامعات وصغار الموظفين تقوم جمعيات على كفالة حقوقهم في امتلاك أجهزة وسيارات بالتقسيط على مدد طويلة دون فوائد، لتنافس البنوك ذات الفوائد المركبة، بخلاف إمكانية استفادة الجنسيات الأخرى والمقيمين حملة الأرقام الوطنية من نفس الميزات والحقوق، لذا تكاد الجريمة الاجتماعية تكون مختفية تمامًا حتى الطرق الصحراوية يسودها الأمن جراء تواجد الشرطة على مسافات لا تقل عن 3 كيلومترات على جانبيها، وانتشار التسامح كضمانة لحماية المواطنين بعضهم بعضا، لدرجة أن طرق المارة وعابرى السبيل أبواب المنازل ليلًا يعنى ترحاب أهلها لا خوفهم.

أصحاب المهن ربما يظهرون أكثر حصولًا على عوائد مادية من أعمالهم بالقياس إلى مهاراتهم، وأغلب هؤلاء تباشر وزارة الشباب وجائزة الحسن دورهما في تأهيلهم واكتشاف مواهبهم مبكرًا ليسلك كل منهم طريقه نحو مهنته، كما تلعب عملية التبادل الثقافى وتزاوج الخبرات دورها في تأهيل الشباب، إلا أن هذه التبادلات توقفت مع مصر مع بدء الثورة بها واستمرت على مستوى المنظمات المدنية، ربما شعار "أردنيو الانتماء.. هاشميو الولاء" المقترن بصورة الملك على مبان بعمان يؤيد حديث "رامى" عن مجتمع يبدو مستقرًا.

حينما سألت "رامى" عن وضعية جماعة الإخوان بين المجتمع الأردنى وشرائحه بغض النظر عن حديث الإعلام والسياسة حولهم، بادرنى بالرد، "هم إخوان مع بعضهم ولا نطلق عليهم اسم تنظيمهم مقترنًا بلقب مسلمين، وتواجدهم لا يزيد عن حدود مناطق قليلة للغاية تأخرت التنمية داخلها، ولا تصلح طرقهم المتبعة عندكم في مصر في الاستحواذ على الشارع، ربما لغياب الأمية والفقر عندنا، ولا أعتقد أنهم سيصلون إلى الحكم في وطننا بعد تجربتكم في مصر، التي حولت شعبًا شقيقًا كبيرًا إلى معذبين ومفقرين مستغرقين في الخطاب الدينى الملغم بالكذب".

لم يلفت نظرى أكثر من ثقافة "رامى" السائق صاحب اللغة والثقافة والمؤهل الجامعى، سوى "بشار" الطفل السورى – 5 سنوات- اللاجئ وأسرته السورية، القادمة معى على الطائرة من "مصر- الإخوان" إلى الأردن المستقر بعيدًا عن حكمهم والعياذ بالله.

الجريدة الرسمية