"الكونجرس" ينقذ الإخوان من "تصنيف ترامب".. "اللجنة القضائية" تدافع عن إرهاب الجماعة.. ومذكرة مفبركة تكشف النوايا
"تأجيل مستمر".. الوصف الأدق لما يحدث داخل دوائر صنع القرار الأمريكية، فيما يتعلق بموقفها من تصنيف جماعة الإخوان (إرهابية)، ففى الوقت الذي التزم فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بموقفه الرافض لـ«مهادنة الجماعة» أو الدخول معها في «لعبة سياسية»، على الجانب الآخر يقف الكونجرس الأمريكى، وتحديدًا لجنته القضائية، لـ«قرار ترامب» بالمرصاد، ويمنح الجماعة الإرهابية فرصة جديدة للبقاء، لا سيما وأنه، كلما استطاع البيت الأبيض تخطي عقبة بعينها، اخترع النواب الديمقراطيون في «لجنة الكونجرس» عقبة جديدة.
جدل مستمر
تجدر الإشارة هنا إلى أن تاريخ إعلان أمريكا حظر الإخوان وإعلانها جماعة إرهابية، يعود إلى أبريل الماضى، ومن وقتها والجدل محتدم بين الساسة في أمريكا، وانتقل الجدل نفسه إلى مراكز صنع القرار داخل السلطات الأمريكية كافة، وعلى رأسها السلطة التشريعية، وعلى رأسها الكونجرس الذي تعارض لجنته القضائية، تصنيف الإخوان كونها جماعة إرهابية.
ليس هذا فحسب لكنها تعتبر أن الإقدام على هذه الخطوة، من شأنه تعقيد التحالفات الأمريكية والعلاقات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتتمسك اللجنة الأمريكية بأن الذين طالهم التطرف وانخرطوا في أعمال عنف من الجماعة «أقلية»، ولم تكتف بذلك، لكنها أرسلت للأجهزة الأمنية هناك وخاصة وكالة المخابرات المركزية الـ (سي أي إيه) مذكرة من إعدادها، تزعم فيها أن الجماعة تحظى بدعم واسع النطاق في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا والعديد من البلدان العربية والإسلامية.
ووفقًا للتصريحات التي تخرج من اللجنة، يمكن القول إن "الجماعة نجحت في السيطرة على أعضائها الذين على قناعة أن المسلمين في جميع أنحاء العالم، سينظرون إلى تسمية الإخوان حركة إرهابية على أنها إهانة لقيمهم الدينية والاجتماعية الأساسية".
شركات العلاقات العامة مصادر تحدثت إليها «فيتو» من داخل الإخوان، تؤكد أنهم يركزون على هذه اللجنة تحديدًا، ويمررون إليهم حجة الجماعة التي ترفعها من خلال العديد من شركات العلاقات العامة، التي تتولى إعادة رسم صورتها الذهنية في المجتمع الأمريكي ومراكز صنع القرار فيه، بأن أي خطوة في هذا الاتجاه من شأنها أن تضعف حجج قادة الإخوان ضد العنف.
وإذا ما أقدمت الولايات المتحدة على تسمية أعضاء التنظيم «إرهابيون» بسبب انضمامهم للجماعة، التي ستصبح هي الأخرى إرهابية، لن يتخلوا عنها وينتهى الأمر، بل سيؤدي القرار إلى انضمام مئات الآلاف من الأشخاص إلى التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وقد يشكلون شبكات جديدة بتكتيك بعيد عن التوقع، مما سيكسبهم الآلاف من الأنصار، الذين سيجعلون من المصالح الأمريكية هدفا لهم في كل مكان، وبحسب المصادر ذاتها فإن الجماعة تروج لقواعدها حاليا، أنها حيدت جهود البيت الأبيض، وأنها قادرة على وضع العقبات التي تمنعه من إكمال طريقه لافتراسها، كلما اقترب القرار من الخروج إلى العلن.
قوائم الإرهاب
كما يزعم التنظيم، أنه حتى الآن لا توجد موافقة رسمية حول وضعه على قوائم الإرهاب، إلا من 32 نائبًا من أعضاء الحزب الجمهوري، لكن الأغلبية الديمقراطية معه، وخاصة أعضاء اللجنة القضائية في الكونجرس، التي تحتجز حتى الآن عملية التصويت داخلها، ما يفشل عملية تحريك القرار، الذي لم يخرج من الغرفة حتى الآن، ويمكن القول إن الجماعة نجحت بالفعل في تحييد العديد من مشروعات القوانين التي سعت لإعلانها إرهابية، وخاصة مشروع النائب دياز بالارت، الذي جلب توقيع 71 نائبا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري عام 2015، كما أفشلت مشروعا آخر تقدم به عام 2017، بموافقة 77 نائبا من الحزبين، ولم يحصل أي من المشروعين، على تصويت الغرفة القضائية.
وبحسب المصادر، يتأثر نواب اللجنة بحملة شرسة، منظمة بإحكام من منظمات حقوق الإنسان الإسلامية الأمريكية، التي تمطر الكونجرس، بشكل شبه يومي، بالعديد من البيانات، خلال الجلسات لـ«الشوشرة» على قناعات أعضائه، في محاولة لصناعة مظلومية كبيرة وأزمة أكبر داخل ضمائر أعضاء اللجنة.
لجنة الأمن القومي
وتنجح الإخوان بهذه الخطة، التي سبق أن اتبعتها، خلال انعقاد جلسات لجنتي الأمن القومي والرقابة والإصلاح في مجلس النواب، خلال مناقشة أزمة التنظيم، ونجحت الحرب الدعائية وملاحقة الأعضاء حتى داخل الكونجرس، في إثارة خلاف كبير بين أعضاء اللجان والشهود، حول ما إذا كان الإخوان يمثلون تهديدًا موحدًا للولايات المتحدة، وما يجب أن يكون عليه نهج سياسة الأمن القومي تجاهها، وبحسب المعلومات المتوافرة أمدت الإخوان أعضاء اللجنة القضائية، بما يثبت أنها ليست كيانًا عالميًا واحدًا، ولا تمثل أي تهديد للأمن القومي الأمريكي.
وحتى تنجح في ذلك استعانت بأحد المعاهد البحثية الكبرى المقربة من الكونجرس، وهو معهد هندرسون، لإثبات أنها تعيش في مصر، منذ ما يقرب من 100 عام، وشاركت في ترسيخ الديمقراطية، كنهج «تدريجي» يهدف في نهاية المطاف إلى سلطة الشعب، كما نجحت الجماعة في استمالة الدكتور جوناثان شانزر، وهو أحد أعضاء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، الذي أكد أن «الإخوان» لها أيديولوجية منفتحة على بوابة العنف الجهادي، لكنه في الوقت نفسه أقر بأنه ليس خبيرًا في شئون الجماعة، ولا يعرف إن كان يمكنها التحول إلى العنف الصريح، وفى نفس السياق استطاعت الجماعة أن توجد «فزاعة للجنة»، كما استطاعت أن تخلق صورة ذهنية، تربط بينها وبين كل المؤسسات والجمعيات الخيرية العاملة في مجالات حقوق الإنسان، التي نادرًا ما تعرضت لملاحقات قضائية، أو جرى اتهامها على مدار عملها في الولايات المتحدة، بأى شبهة على علاقة بالإرهاب.
من جهته يرى مشاري الزايدي، الكاتب والباحث، أن تأخر إعلان الإخوان جماعة إرهابية، يعود إلى تحالف اليسار الأمريكي مع الإسلاميين، الذي أدى في النهاية لاحتلال الجامعات الأمريكية، وأصبحت الغلبة لهذه الأصوات في قاعات البحث، ويوضح «الزايدي» أن «المحسوبين على جماعات الإخوان، نجحوا في العمل كممثل حصري للمسلمين بالخارج، حاليا، خاصة أن الأيديولوجيا الفكرية هي العامل الأهم، في مراكز صنع القرار بالولايات المتحدة». على حد قوله.
نقلًا عن العدد الورقي...