محمد حازم.. شهيد العشق الكروي
من أهم المواهب الكروية التي تألقت على أرض مصر، إلا أن إرادة الله، سبحانه، شاءت أن تحرم منه الكنانة، وهو في ريعان الشباب، وفي ذروة لمعانه. “محمد حازم محمد سعيد”، رحمه الله، من مواليد الجيزة، فى 7 يونيو 1960، درس الآداب بجامعة عين شمس، قسم علم اجتماع، عاش في أسرة متوسطة الحال، تسكن المنزل رقم 11 شارع حسن بهجت، بشبرا.
دخل حازم قلعة الإسماعيلي فى فريق تحت 11 سنة عام 1972، وساهمت حقبة التهجير، بعد نكسة 1967، في دعم تواجده مع الدراويش، حيث كان النادي يخوض تدريباته بمركز شباب الجزيرة.. اكتشفه محمد عثمان، مدرب شباب الجزيرة، ليضمه إلى أشبال الإسماعيلى بعد اجتيازه الاختبارات، ليكون على رأس 7 لاعبين تم اختيارهم فى نفس اليوم، ومن بينهم عماد سليمان.
وبسرعة، بدأت نجومية حازم تلمع، خاصة بعد أن كان يشاهد جيل علي أبوجريشة، ويحاول التعلم من فنونهم. وبعد انتهاء الحرب عاد الإسماعيلي إلى أرضه عام 1975، ليبتعد حازم عنه لأنه من الصعب السفر يومياً إلى الإسماعيلية ليواظب على التدريبات حتى لا يعلم والده، الذي كان يرفض أن يتفرغ ابنه لكرة القدم.. وكان يحضر تدريبات الأهلى برفقة صديقه خالد العنتبلي الذى طلب منه أكثر من مرة الانضمام للقلعة الحمراء إلا أنه كان يرفض لعشقه للدراويش.
اقرأ ايضا: نجم الأهلي.. الأب الروحي للكرة المصرية
بعد وفاة والده وافقت والدته على سفره للإسماعيلية لاستكمال مسيرته الكروية، وكان شقيقه يذهب دائما معه إلى الإسماعيلية لمشاهدته فى التدريبات وتحفيزه. اجتهد حازم في التدريبات، حتى رآه الانجيلزى طومسون، المدير الفنى وقتها، في تدريبات فرق الناشئين، وشعر أنه يمتلك موهبة، وتم تصعيده للفريق الأول بقيادة طومسون ومساعده "شحتة".
كانت أول مباراة رسمية لعبها مع الإسماعيلي فى مسابقة الدورى ضد السويس عام 1977 على ملعب الأخير، وبعدها بأسبوع نجح فى تسجيل أولى أهدافه فى مرمى الترسانة. شارك حازم فى 197 مباراة بالدوري، و21 بالكأس، و8 مباريات أفريقية مع الدراويش، وتوج بلقب هدّاف الدورى مرتين، بإحرازه 11 هدفًا فى الموسمين. وحصل على شارة قيادة الإسماعيلى موسم 80 / 81 ليصبح أصغر لاعب يقود فريقه فى التاريخ لتبدأ مرحلة نجوميته في هذه السن الصغيرة، وفى موسمى 81 / 82 و82 / 83 أحرز 8 أهداف.
وفى موسمى 84 / 85 و85 / 86 استطاع أن يحصد لقب هداف الدوري، ومن أجمل الهتافات التى كان يعشقها من جماهير الدراويش: "ياللا يا حازم صحى النايم.. وحط الكورة جوة الجون"، وكان آخر أهدافه فى هذه المسابقة خلال مباراة فريقه أمام السويس، والذى يعد من أجمل أهدافه بعد أن راوغ جميع المدافعين قبل تسديدها فى سقف الشبكة.
واقرأ ايضا : الصحفي الثائر.. صاحب نشيد "بلادي"
انضم حازم وعمره 20 عامًا لصفوف المنتخب عام 1980 وذلك بناء على طلب الألمانى "هيدرجوت"، حيث شارك مع المنتخب فى العديد من البطولات، فى مقدمتها بطولتى كأس الأمم الأفريقية عامى 84 و86. كما خاض ضمن صفوف منتخب الفراعنة ما يزيد عن 15 مباراة دولية. وتوُّج مع المنتخب بلقب بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 1986 التى استضافتها مصر، تحت قيادة المدير الفنى الإنجليزى مايكل سميت، ومساعده الراحل شحتة. كما نال الميدالية الذهبية مع بعثة المنتخب، التى شاركت بدورة ألعاب البحر المتوسط..
أحب حازم الفنانة الراحلة شادية، وكان يتمنى رؤيتها، وعندما التقى الإسماعيلى مع الزمالك بالإسماعيلية، وانتهى اللقاء بفوز الفريق الأبيض بهدفين مقابل هدف، سجل هدف الدراويش محمد حازم، بعدما أضاع ركلتي جزاء لفريقه، ولكن رغم ذلك هتفت الجماهير حبا له، وكان يتابع اللقاء أحد الأمراء السعوديين، وأراد مواساة حازم فسلم عليه، وسأله عن الأمنية التى يتمناها وسينفذها له على الفور، فكان رده فقد قال إنه يتمنى لقاء شادية.
وكان القدر قد دبر لنجم الدراويش مفاجأة لتحقيق حلمه، حيث كان مدير أعمال الأمير السعودي أحد المدعوين لحفل شادية فى أحد الفنادق الشهيرة بالقاهرة، ومعها نجوم مسرحية "ريا وسكينة" لتوقيع بروتوكول عرض المسرحية فى إحدى دول الخليج، وأنه سيصطحب معه حازم لحضور المسرحية وحضور الحفل الخاص بها، ورغم أن مقابلة شادية أمنية كان يتمناها، إلا أن حزنه على خسارة فريقه جعله يتردد فى قبول الدعوة، لكنه اقتنع فى النهاية بأنها فرصة لن تتكرر، وبالفعل إلتقى نجم الدراويش بالراحلة شادية.
وكانت آخر مباراة خاضها مع الإسماعيلي ضد غزل المحلة قبل ساعات قليلة من الحادث الأليم، في 11 نوفمبر 1986، حيث رحل محمد حازم، عن 26 عاما.. مع زميله حارس المرمى علي أغا، في حادث سيارة بطريق الإسماعيلية - القاهرة. بينما كان آخر هدف أحرزه فى مرمى إكرامي فى لقاء الإياب ضمن فعاليات نصف نهائى بطولة أندية إفريقيا لأبطال الكئوس.
ورغم كونه لاعب كرة، إلا أنه كان يعشق القراءة والكتابة والشعر، حيث كان يوجد فى مكتبه الخاص بعض الكتب منها: "تفسير الجلالين" للقرآن الكريم، و"إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، و"كتاب الزهد"، بجميع أجزائه، لأحمد بن حنبل، و"الإنسان روح لا جسد" للدكتور رؤوف عبيد، وجميع كتب عباس محمود العقاد، ومحمد حسين هيكل، وأنيس منصور، ويوسف السباعي، ومحمد عبدالحليم عبد الله، ويوسف إدريس، بالإضافة إلى كتب أخرى فى السياسة وعلم النفس الاجتماعى.
أقام الإسماعيلي يوم 23 نوفمبر عام 1986 مباراة لتأبين النجم الراحل مع الأهلي، بحضور لاعبي الزمالك والمصري، رافعين صورة اللاعب. وشهد اللقاء بكاء حارًّا من الحاضرين، وتسلم شقيقه الأكبر كأساً من مشجعي الإسماعيلي.