قصة بلدة .. حكمها الغرباء
منذ ألفي عام استيقظ أهالي قرية " يبكو" الواقعة في جبال الألب والمسماة حاليا ببلدة الشعب المفقود، على توافد العشرات جميعهم غرباء ليسوا من اهل البلدة ولا من اهل البلدان القريبة، ثيابهم مهلهلة، الغبار فوقهم وتحتهم ، يقودهم شخص يلقبونه بالمختار "وسميت بقرية الشعب المفقود ، حيث لا اثر لأي مخلوق في تلك القرية فلا جثة عثر عليها ولا عظام وجدت ولا ثياب التقطت، ولا أي شيء دال على وجود الشعب الذي سكن تلك المدينة رغم وجود المدينة كاملة مكملة وكأنها هجرات من عشرات السنين وليس ألفي عام "
وفي بحث للعالم الفنزويلي " ليو ميركالو " استغرق 16عاما.. حيث عثر على وثيقة مخطوطة باللغة السنجارية القديمة مفادها الآتي:
لا تفتحوا ابوابكم لغرباء يقودهم قائد " لا تأخذكم الطيبة والشفقة بإيواء اشداء وإسكانهم وإطعامهم.. وجب الحذر منهم.. احذروا أن يربي نشأكم غيركم ".
كنت قائد مدينة " يبكو" العظيمة حيث الاسوار العالية والثمار الطليقة والحرية الناعمة والمعاني الإنسانية الجميلة "، حتي جاء اليوم الذي جاءنا فيه "الغرباء " اشكالهم تشبهنا، كلماتهم كلماتنا، هم أساسا - كما يدعون - من بلاد فشلوا في وصفها لنا.. ورغم ذلك أتونا دون أن يخطئوا الطريق.. ولم نلتفت لذلك.. فتعودنا طوال حياتنا ألا نتخلي عن غريب يطلب العون ولا عن صاحب حاجة ولا عن ضعيف يطلبنا.. عاشوا بيننا، أكلوا طعامنا، تناسلوا وزوجناهم بناتنا.. ولكن الغريب فيهم هو تفضيلهم الدائم على عدم الانخراط معنا ، كانوا دائما ما ينزوون خلف قائدهم ويتهامسون فيما بينهم.. اعتبرنا الأمر هينا ببادئه ، حيث كانوا غرباء ولا داعي لإفزاعهم بكثرة السؤال عن ماذا يتحدثون ولماذا يتهامسون ؟ ولكن مع مرور السنوات وبقائهم على نفس الحال يجذبون البعض منا ، ولا نجذب منهم احدا.. اصبح عددهم يزيد، ومن ينضم لهم لا يخرج ويتطبع بطبعهم ، ويصبحون هم اقرب من اهله له.. حتي فوجئنا أن هناك تابعين منهم من بني جلدتنا ولا يعلنون ذلك ، حتي وصل الأمر مداه.. بعد اربعين عاما.. بعد استقبالي لهم وكان عمري وقئذ 32عاما ، والآن قد بلغت الـ 72 عاما
اكتب كلماتي تلك من بين مقابر السجون " أربعة حوائط " لا أكلم سواها ولا يشعر بي غيرها..
كان الغرباء اعداءنا.. في كل حرب نخوضها كنا نفوز برقابهم ونملأ الصحاري بجثثهم ونروي الأرض بدمائهم " حتي فطنوا إلى قوتنا وعجزهم وفطنوا لطيبتنا وخبثهم.. فأرسلوا دواهيهم لنا، خبثاءهم إلينا، يدعون الفقر والجوع والتهجير والقحل الذي أصاب أرضهم ، والجوع الذي شب بينهم.. فتحت لهم ابوابنا " ونقلت الحرب إلى داخل اسوار مدينتنا العظيمة " يبكو" بدون قتال ودماء ، أتانا ما لا يزيد على ثلاثين فردا وصاروا الآن يحكمون شعبا من ثلاثين ألف فرد..
التفوا حول النشء من الصغر، تمركزوا في تربية اطفالنا.. لم نكن نعرف أن الخادم الذي يخدم الأطفال والمعلم الذي يشرف عليهم قد يجعلهم عبيدا وهم احرار، مسوخا وهم احياء، قتلة وهم اطهار.. وحدث ما خططوا له ونال مدينتنا ما رسم لها وحكمها الأعداء.
أكتب ما أكتبه الآن لعل غيري يتعظ ومدينة أخرى تنقذ.. لا يحكمكم غرباء.. لا يحكمكم غرباء
تنويه: إن مست القصة الواقع الذي تعيشه مصر الآن ، فهذا محض مصادفة.. ولنتعظ!