ما يسمى بثورات الربيع العربي
كان هذا هو التعبير السائد في ملتقي المدافعين عن الإعلام في الإردن، بل وكان أيضًا منتشرًا في الاجتماع 62 للمعهد الدولي للصحافة الذي انعقد أيضًا في الإردن. لا أظن أن كل من استخدموه من أعداء الثورات العربية، ولا حتى من رافضيها، لكنهم مع التغيير فعلًا ولكنهم لا يعتبرون أن ما حدث فعلًا "ثورات وربيع". فلماذا؟
قبل الإجابة لابد من ذكر هذا الموقف، فقد كنت أنا وزوجتي في زيارة لمدينة ريمني الساحلية في إيطاليا، وفي جولة بالجزء القديم منها، وقبل أن تبدأ سأل المرشد عرفت بوجود مصريين هنا، فهل يتفضلوا برفع أيديهم، وعندما فعلت زوجتي وزميلتها ذلك، قال الرجل: لي الفخر أن أكون مرشدًا لمصريين صنعوا هذه الثورة العظيمة ومدينتنا الصغيرة تفخر بأن يزورها اثنتان من مصر.
هذا الاحتفاء تلاشى في البلدان التي زرتها مثل ألمانيا، واختفى حتى من الشخصيات العربية والأجنبية التي أقابلها في مؤتمرات إقليمية أو دولية. فلماذا حدث ذلك؟
لأن حصاد هذه الثورات وهذا الربيع كان مرًا، عدم استقرار، تراجع الحريات الفردية والعامة، استبداد من نوع جديد، أسوء مما كان سابقًا، ويرتدي غطاءً دينيًا.
أي باختصار يمكن القول أنه لم يحدث تغيير ديمقراطي، ولكن حدث نقل ملكية، من أنظمة مستبدة إلى أنظمة أكثر استبدادًا، وهذا معناه أنها لم تكن ثورات، ولم تملك مشروع ثورات.. فما هو مشروع الثورات؟
ليس تغييرًا في الأفراد، ولا فيمن يحكمون فقط، ولكنه إعادة بناء البلد على أسس ديمقراطية حقيقية، دستور يحمي المساواة المطلقة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، حماية الحريات الفردية والعامة وإجمالًا حماية حقوق الإنسان التي أقرتها المواثيق الدولية.
هذا البناء لم يتم، لأن الثوار كانوا مشغولين فقط بإزاحة النظام القديم دون أن يكون واضحًا ماذا نريد بعده، ولذلك لم يكن هناك رفض قوي لتولي الجيش السلطة بعد مبارك، ولذلك وقعنا في فخ الانتخابات أولًا وليس الدستور أولًا. وكل ما تلى ذلك من خطايا وكوارث وجرائم.
لذلك وكما قال لي صديقي المحامي اللامع محمد عبد العاطي، ليس المهم فقط إزاحة الإخوان ومرسي، ولكن الأهم ما هو المشروع البديل، الذي يجب أن يلتف حوله القطاع الأكبر من المصريين، حتى لا نزيح مرسي ويأتينا نسخة معدلة لديكتاتور جديد.