كشف حساب حكومة مدبولي
عدد كبير من الوزراء الراحلين لا يعرفهم الناس، وأيضا عدد من الباقين لم تسجل أسماؤهم بعد في أذهان العامة والخاصة، هناك وزراء جاءوا إلى مواقعهم دون أن تكون لديهم الخبرات الإدارية الكافية التي بموجبها يتركون بصمة، وهناك راحلون معروفون بسبب أدائهم الضعيف، ولا شك هناك أيضا من قاموا بدور فعال، غير أن الغلبة لهؤلاء المجهولين حضورا والمجهولين رحيلا، وربما يرى البعض أن المرحلة الماضية قد "فرمت" عددا كبيرا من الشخصيات بسبب طبيعتها.
القادمون الجدد والباقون من الماضى لابد من خطاب تكليف محدد يضع المهام والمسئوليات أمام أصحابها حتى لايظلموا، ونستطيع من خلاله قياس الأداء ومراقبة العمل اليومى، ومن ثم الحكم على أدائهم، خصوصا، وأن بعض الرحلين ربما جاءوا وهم لا يعرفون لماذا جاءوا؟! ورحلوا دون أن يعرفوا سبب رحيلهم؟! دون أن نغفل أن هناك عددا من الوزراء استطاعوا خلق أدوار والعمل وفق المساحة المتاحة بشكل جيد.
الحكومة الجديدة أمامها مهام صعبة وتحديات كبيرة يقف على رأسها تشجيع الاستثمار، وفي القلب منها الاستثمار الصناعى الذي كان ضحية سياسة التخبط والإهمال، في ظل قيادة عصبية من وزارة الاستثمار في الفترة الماضية، البوصلة لم تكن محددة، والرقابة لم تكن على قدر المسئولية، وطبيعة المسئولين لم تكن على قدر التحدي، فكانت النتيجة غيابا تاما لخريطة الاستثمار الصناعي.
اقرأ ايضا: صمت "الوزير" ليس من ذهب!!
ملف الخدمات واحد من الأولويات المطروحة في الفترة القادمة ، بعد أن غاب عن مسئولى ملفاته التواصل الحقيقي مع الجماهير، التي عانت ولاتزال تعانى من خدمات صحية متدهورة، وروتين يزداد تعقيدا تقف وراءه مافيا الفساد الإداري في كافة القطاعات، وأيضا ملف التعليم الذي لايزال يكتنفه غموض ما قبل الانهيار إن لم يكن قد وصل إلى منحدره وفق سياسة تعليمية مبهمة وغامضة تعتمد على الاستعراض دون المضمون.
ضبط الشارع أصبح واحدًا من الضرورات الملحة، بعد سيطرة الفوضى على الرصيف والشارع، فأصبحت ميادين مصر لعنة تطارد التنمية، بل وتطارد الاستقرار بعد سيادة مفاهيم البلطجة على مجريات الحياة، وتنامى ظاهرة غياب القانون والاستفراد بالمواطنين، وانفراد التجار بالناس، وغياب الحماية الحقيقية للمستهلك وفقدان الضمير، وكل ذلك لا يمكن مواجهته دون إعمال القانون على الكبير قبل الصغير.
والتغيير الوزاري الذي طال انتظاره لابد وأن يمثل نقلة نوعية في العمل على أرض الواقع، والتفاعل مع المشكلات التي يعانى منها المواطن، والفرصة متاحة أمام من تولوا الأمر في الحكومة الجديدة، فالناس ينتظرون من ينصت إليهم، ويتعاون معهم في حل معضلات تركتها الحكومة السابقة دون حل، أو ساهمت في تعقيدها بسبب غياب الرؤية، وعدم وجود خطاب تكليف واضح المعالم وقابل للتطبيق على أرض الواقع.
واقرأ ايضا: حكاية التغيير فى مصر
الوزير الجديد لابد وأن يعرف أولويات المرحلة والملفات التي سيعمل عليها والوزارات التي تتقاطع معه لخلق حالة انسجام وزاري وتحديد الأدوار التي ستعمل عليها كل وزارة والمحاسبة اليومية وإتاحة الفرصة أمام أدوات الرقابة الشعبية من برلمان وإعلام تتاح أمامهم الفرصة للمتابعة، وتوجيه النقد البناء لمساعدة الحكومة في أداء عملها فإن لم نفعل ذلك فلن يكون التغيير الوزاري إلا ديكورا تغيرت فيه الوجوه دون تغيير في المضمون!!