رئيس التحرير
عصام كامل

حكم الشرع في الكذب بين الأزواج

حكم الشرع فى الكذب
حكم الشرع فى الكذب بين الازواج - صورة ارشيفية

متى يباح للزوجة أن تكذب على زوجها، وهل هناك من الحديث الشريف ما يؤيد ذلك؟

 

اجابة هذا السؤال جاءت فى كتاب "فتاوى.. واحكام للمرأة المسلمة" لفضيلة الشيخ عطية صقر ويقول فيها: ان الحب والتوافق الطبيعى يلعب دورا كبيرا فى سعادة الاسرة، والحياة المنزلية دون ذلك اشبه بالصحراء الموحشة، ومع ذلك فالحب بين الزوجين مهما قوى فى الفترة الاولى من الزواج سيضعف بعد ذلك لعوامل كثيرة.

 

اقرأ ايضا:

حكم الإعانة على القتل؟.. دار الإفتاء تجيب

 

فإن لم يكن له ان يستمر فلينزل عند مرتبة الصداقة التى لا تعدم شعورا طيبا بين الطرفين، فالبيوت لم تبن كلها على الحب فلا ينبغى لمن يعانى من هذه المشكلة ان تظلم الدنيا فى وجهة ويسعى لهدم الاسرة بعد التعب الشديد فى بنائها، ولو وجد احد الطرفين فتورا فى هذه العاطفة فلا ينبغى ان يخبر بها الطرف الاخر، بل يجوز اذا سئل ان يكذب ويخبره انه يحبه..

 

وجاء فى حديث البخارى ومسلم "ليس الكذاب الذى يصلح بين الناس فينمى خيرا او يقول خيرا"، وفى زيادة لمسلم عن ام كلثوم بنت عقبة بن ابى معيط:" ولم اسمع رسول الله يرخص فى شيئ مما يقوله الناس الا فى ثلاث تعنى الحرب والاصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها".

 

والكذب لا يجوز إلا عند الضرورة كالحالات الثلاثة المذكورة فى الحديث، ومنها الكذب بين الزوجين، ومثال لهذا الكذب المسموح به بين الزوجين هو فى مثل قوله لها أو قولها له: أنا أحبك، وقد يكون الواقع غير ذلك، او فى مثل قوله عند طلب شىء منه لا يستطيعه: سأحضره لك، وذلك لتطييب خاطرها فقط.

 

وفى كتاب "حقوق الزوجية" للشيخ عطية صقر يضرب الامثلة على ذلك فيقول: جاء فى إحياء علوم الدين للإمام الغزالى "ج 3 ص 120 " أن ابن أبى عذرة الدولى حلف على زوجته أن تصدقه فى أنها تحبه أو لا تحبه، فأخبرته أنها لا تحبه، فاختصما إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه فسألها: هل تحدثت أنك تبغضين زوجك؟ قالت: نعم، لأنه أنشدنى الله. أفأكذب يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم فاكذبى، فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك، أقل البيوت الذى يبنى على الحب.

 

واقرأ ايضا:

حكم إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه؟.. تعرف على رد الأزهر

 

وذكر القرطبى فى تفسيره "ج 5ص 209" خبر عبد الله بن رواحة الذى كذب على زوجته فى أنه باشر جاريته عندما رآها تحمل شفره -سكينا- لضربه حين رأته معها، وقال شعرا يوهمها بأنه قرآن، والجنب لا يقرأ القرآن، وعلم الرسول بذلك فضحك حتى بدت نواجذه، كما ذكر هذه القصة أيضا ابن القيم، في كتابه "إغاثة اللهفان ص 208، 257" ..

 

ومن هنا نعلم أن الترخيص فى الكذب بين الزوجين يكون فى أضيق الحدود، وفيما يوثق العلاقة بينهما، ويوفر الاستقرار فى الأسرة، أما الكذب فى الأمور التى تهدد كيان الأسرة، كغيابها أو غيابه عن البيت فى متعة حرام، وادعاء أن الغياب كان بحكم العمل أو لقضاء مصالح، والواقع خلاف ذلك فهو حرام لا شك فيه، ومن أجل هذه الناحية وغيرها أرشد الإسلام إلى تلمس ناحية التدين فى كل من الرجل والمرأة عند الإقدام على الزواج.

 

الجريدة الرسمية