روشتة جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر .. التوسع في الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص .. الإصلاح التشريعى لقوانين الاستثمار
تساؤلات تطرح نفسها على الساحة الاقتصادية في مصر حاليا، وحالة استغراب تسود اروقة صناع القرار الاقتصادي والاستثمار حول تداعيات انخفاض معدلات جذب الاستثمار الأجنبي لمصر رغم الإصلاح الهيكلى والتشريعى لغالبية القوانين الاستثمارية، خصوصا بعد صدور مشروع الإصلاح الاقتصادى الذي فتح الباب لاستقبال مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
معدلات الاستثمار
خبراءالاقتصاد والمتخصصون في الشأن الاستثمارى اتفقوا على أن معدلات الاستثمار الأجنبي لمصر تراجعت، منهم من أرجع ذلك بسبب التوترات العالمية التي يعيشها العالم بين القوتين الاقتصاديتين أمريكا والصين، وصعوبة تدفق رءوس الأموال العالمية، وفريق آخر يؤكد أن بعض التشريعات الاقتصادية المستحدثة يشوبها بعض الأخطاء، وتحتاج إلى تعديلات وجراحات عاجلة، واستثمار أن مصر أصبحت مركزا استثماريا في أفريقيا بعد تقلدها المرتبة الأولى في جذب الاستثمارات بشكل عام داخل القارة الأفريقية.
الصعوبات
محسن عادل الرئيس التنفيذى السابق لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة الاقتصادية، أكد أن هناك صعوبات تعوق عمليات جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر على المستوى المحلى منها وجود اختلالات هيكلية تقف في طريق الاستثمار واستمرار البيئة الحالية ذات أسعار الفائدة المرتفعة نسبيا بعد التخفيضات الأخيرة، فالزيادات المتتالية في أسعار الفائدة أثرت على تدفقات الاستثمار بجميع أشكاله، فتلت كل زيادة في أسعار الفائدة انخفاض في الاستثمار الخاص، حيث إن ارتفاع تكلفة التمويل أدى إلى عزوف المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة.
أسعار الفائدة وأضاف عادل أن ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى توجيه فوائض الأموال المتاحة للاستثمار لشراء أدوات الدين لارتفاع العائد وانخفاض المخاطر مشددا على ضرورة استغلال الفرص الحالية وهى المكانة التي بدأت تتقلدها مصر بين أشقائها وترأسها للاتحاد الأفريقى حاليا واحتلالها ترتيبا عالميا في بيئة الأعمال ومؤشرات أغلب المؤسسات الدولية التي تؤكد ذلك على رأسها المؤسسة الدولية وهى البنك الدولى الذي أكد في أحدث تقاريره أن مصر أكثر البلدان تحسنا في ممارسات سهولة ممارسة الأعمال، واحتلال مرتبة متقدمة في التنافسية العالمية، وهو ما يتطلب تكاتف جميع الجهود للارتقاء بالدور المصرى في تلك المؤشرات على الصعيد العالمى واستمرار ذلك.
واتفق محمد كمال جبر خبير في الاستثمار والتنمية، مع كلام عادل مؤكدا أن أحد مسببات تراجع معدلات الاستثمار الأجنبي وجود توترات عالمية، مؤكدا أن خطة الحكومة في هذا الملف كانت تستدعى جذب ما يقرب من 7 مليارات دولار، وهو ما لم يتحقق بشكل مطلوب بسبب حالة الكساد العالمى التي يعيشها الاقتصاد عالميا.
ونصح جبر، بضرورة ابتكار أساليب استثمارية مبنية على أسس مدروسة تستهدف مجابهة تلك التوترات واللعب على وتيرة الاستفادة من الحروب الاقتصادية العالمية الدائرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، خاصة وأن مصر بلد منتج ومصدر لغالبية المنتجات سواء الكيماوية أو الزجاج، وغيرها التي تؤهلها لاقتحام السوق الأمريكى، وتحسن فرص التصدير المصرى للخارج، وهذا لم يحدث ويحتاج خطة ممنهجة تتكفلها وزارة التجارة والصناعة ووزارة الاستثمار والتعاون الدولى وغيرها من المؤسات الحكومية التي ممكن أن تساهم في ذلك، وتوقع، زيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على المستوى العالمي، ولكن بشكل ضعيف في ظل وجود مخاطر الحرب التجارية خاصة أن مناخ الاستثمار في مصر أصبح جاذبا، بعد الإشادات التي تلقاها مؤخرا من البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
شراكة
فيما اقترح رامى جادو الخبير الاقتصادى، أن تكون هناك شراكة قوية بين القطاعين العام والخاص، وأن تدعم الدولة ذلك عن طريق توفير محفزات للمستثمرين داخل مصر، لتسريع وتيرة الاقتصاد وجذب مزيد من المستثمريين الأجانب والعرب، مؤكدا أن من ضمن هذه المحفزات استبدال التشريعات العديدة الخاصة بالأراضى بقانون موحد ومبسط لإدارة أراضى الدولة.
بجانب زيادة مخصصات هيئة التنمية الصناعية من الأراضى لطرحها على المستثمرين وفق آليات موضوعية وشفافة، وأن يرتبط دعم الصادرات أو استبدال الواردات بمجموعة من الحوافز غير النقدية، مثل تخصيص الأراضى وترفيقها، وتدريب العمالة، وحوافز جمركية وضريبية، وتشجيع إدخال تقنيات إنتاج حديثة،، وتعديل نظام المساندة التصديرية بما يضمن تعميق الصناعة ومنح الدعم لمن يستحق وبذلك نكون قطعنا اشواطا كبيرة في دعم المسثمر الصناعى وزيادة الإنتاج وفتح آفاق تصديرية كبيرة تضمن تحسن فرص الاستثمار في الخارج والترويج للمنتج المصرى.
وحدد جادو عوامل أساسية لابد أن تتوافر من أجل تحقيق المستهدف منه في جذب الاستثمارات الأجنبية على رأسها المناطق الحرة الاقتصادية وضرورة استغلال الفرص الاستثمارية فيها واستغلال الموقع الإستراتيجي والجغرافى للمنطقة الحرة، وقربها من خطوط النقل الجوى والبحرى العالمية، والطرق التجارية التقليدية والمبتكرة، والبنية التحتية، وتوفير الخدمات، ومرونة القوانين والأنظمة الحكومية، بالإضافة إلى الحجم الإجمالى للمنطقة الحرة، وتوافر الأراضى التي يمكن الاستثمار فيها عبر تطويرها وتوسيعها لتتلاءم مع المتطلبات المتغيرة للشركات.
ورغم ترتيب مصر الـ120، في تقرير سهولة ممارسة الأعمال لعام 2019، إلا أن مصر صعدت 8 مراكز في الترتيب بعد تنفيذ إصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات في 5 مجالات هي تأسيس الشركات، والحصول على الائتمان، وحماية صغار المستثمرين، وسداد الضرائب، كما عمل البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة في الفترة الأخيرة، حيث خفض أسعار الفائدة نحو 1.5% في أغسطس الماضي، ثم 1% في سبتمبر، ليصل مجموع الفائدة المخفضة خلال العام الحالي إلى 3.5%، ومنذ بداية عام 2018، إلى 5.5%، مقتربا من العودة بأسعار الفائدة إلى مستويات ما قبل التعويم.
نقلًا عن العدد الورقي..،