رئيس التحرير
عصام كامل

قوات حفظ السلام بسيناء في مرمى نيران الجهاديين.. دراسة لمعهد واشنطن ترجح الهجوم عليها بعد اختطاف الجنود المصريين.. شينكر: أسلحة الإسلاميين والبدو في مواجهة "القوة المتعددة الجنسيات"

قوات حفظ السلام في
قوات حفظ السلام في سيناء

قال ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسة العربية فى معهد واشنطن، إن قوات حفظ السلام فى سيناء -القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين- هم الهدف التالى على قائمة المستهدفين، بعد اختطاف الجنود المصريين والإفراج عنهم فى سيناء، مشيرًا إلى أن حالة الانفلات الأمنى المتزايدة فى تلك المنطقة التى يسودها الاضطراب بشكل متصاعد، إلى جانب جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة فى القاهرة والتى وصفها بالمعادية بشكل علنى لإسرائيل، يمكن أن يمثلان اختبارًا لقوة معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل فى عام 1979.
جاء ذلك فى دراسة لديفيد شينكر نشرها معهد واشنطن بعنوان: "الفوضى فى سيناء: هل ستكون قوات حفظ السلام الدولية هى الضحية القادمة؟"، قائلًا إنه فى مطلع الأسبوع الماضى تم الإفراج عن سبعة أفراد من قوات الأمن المصرية بعد اختطافهم من قبل رجال القبائل البدوية فى سيناء، الذين احتجزوهم كرهائن لمدة أسبوع، مشيرًا إلى أن عمليات الاختطاف جاءت فى سلسلة من عمليات مماثلة وهجمات مسلحة منتشرة حاليًا فى سيناء، وتبرز التدهور الأمنى فى تلك الرقعة الصحراوية، رغم أن معظم تلك الهجمات استهدف المصريين. 
وأكد شينكر أن "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" تم نشرها فى عام 1982 لمراقبة بنود إرساء الأمن فى سيناء التى تضمنتها معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، لكن هذه القوات تعرضت على مدى العامين الماضيين لهجمات متكررة ممن أسماهم بالمقاتلين البدو والإسلاميين المحليين المنتسبين لـ تنظيم «القاعدة»؛ قائلًا: "ففى الشهر الأخير فقط اختطف رجال القبائل البدو جندى مجرى يعمل ضمن قوات حفظ السلام، وتم الإفراج عن ذلك الجندى لاحقًا".
وأشار إلى أن مسار التطورات لا يبشر بالخير، وأن قوات حفظ السلام الدولية كانت مستهدفة قبل 2011، وقدم مثال باصطدام مركبة تابعة لـ "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" بقنبلة مزروعة على جانب الطريق فى عام 2005.
وأكد أن الإيقاع العملياتى للإجراءات العسكرية ضد القوات آخذ فى التزايد، ففى مارس 2012، حاصرت مجموعة من رجال القبائل المسلحين معسكرا تابعا لـ"القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" فى الجورة لمدة ثمانية أيام، مطالبين بالإفراج عن بدو سُجنوا لضلوعهم فى تفجيرات طابا عام 2004 وشرم الشيخ عام 2005، مشيرًا إلى احتجاز مجموعة من البدو لمركبة تابعة لـ "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" بين نقطتى تفتيش- فى إبريل 2012.
وأضاف أن الأمر الأكثر قلقًا أنه فى شهر سبتمبر الماضى هاجم عشرات من البدو المعسكر الشمالى لـ "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" وتسللوا إليه واجتاحوه، وأطلقوا عليه نيران الأسلحة الآلية وقذفوه بالقنابل اليدوية وجرحوا أربعة من قوات حفظ السلام قبل أن يجرى التفاوض على الانسحاب.
وأكد أن أسلحة المقاتلين الإسلاميين والبدو معًا موجهة صوب "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" حيث اعترف أعضاء من خلية إسلامية يجرى استجوابها بعد محاولة تفجير منشأة عسكرية فى رفح الشهر الماضى بأن أهدافهم هى طرد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من سيناء.
وأوضح "شينكر" أنه فى ضوء هذه الأخطار المحدقة، ليس من المفاجئ أن ترافق أرتال عسكرية مصرية دوريات "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون"، وفى خضم هذه البيئة الأمنية المتردية، ربما لا تكون المراقبة المحجمة والتركيز الكبير على الحفاظ على تلك القوات كافيين لحمايتها.
وقال: "إذا تكبدت الدول الإحدى عشر إلى جانب الولايات المتحدة والتى تسهم بقواتها ضمن "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" لخسائر، فإنها قد تتعرض للاستنزاف".
وأشار إلى أنه فى ظل هجمات مماثلة فى مرتفعات الجولان على مدى العام الماضى، قررت ثلاث من الدول الست المساهمة بقواتها فى "قوة مراقبة فض الاشتباك" التابعة للأمم المتحدة التى تفصل بين إسرائيل وسوريا منذ عام 1973 سحب وحداتها.
وذكر شينكر فى دراسته أنه على عكس "قوة مراقبة فض الاشتباك"، فإن إنهاء تواجد "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" ليس وشيكًا على الإطلاق، بيد أنه يصعب التكهن بكيفية دعم تلك البعثة فى ظل الظروف الراهنة".
ولا ترتبط المشكلة بحالة الانفلات الأمنى الفعلية فى سيناء فحسب- حسبما جاء فى الدراسة- وتذكر التقارير أنها أدت إلى خفض حركة الشحن فى قناة السويس فى أسبوع خطف الجنود بشكل مؤقت، وتعدى الأمر ذلك ليشمل انتقال عدوى العنف إلى إسرائيل على غرار ما حدث فى هجمات أغسطس 2011 الإرهابية العابرة للحدود، مشيرًا لمقتل عدد من حرس الحدود المصريين أثناء مطاردة حامية قامت بها إسرائيل ضد مرتكبى العملية الإرهابية (الذين كانوا يرتدون زى جنود مصريين)، مرجعًا أنها السبب فى تعرض السفارة الإسرائيلية للاجتياح، وأنه بصعوبة تم منع وقوع كارثة ربما كانت قد سطرت نهاية لمعاهدة السلام.
وأضافت الدراسة أن الهجمات الإرهابية العابرة للحدود تحدث ما بين الدول الصديقة أيضًا، ولا يترتب عليها بالضرورة عداءات بين الدول، لكن عداء جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة لإسرائيل تزيد من مخاطر تدهور الأوضاع على الحدود، قائلًا" أن الجماعة لم تشرع بعد فى مناقشة علنية لإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، لكنها لا تخفى عداءها لجارتها".
وذكرت الدراسة كثرة حديث قادة «الإخوان المسلمين» عن إسرائيل مؤخرًا، ففى 10 مايو، قاد محمد البلتاجى الأمين العام لـ "حزب الحرية والعدالة" مظاهرة معادية لإسرائيل فى "الجامع الأزهر" فى القاهرة حُرقت خلالها الكثير من الأعلام الإسرائيلية، وأعلن فيها البلتاجى أن "إسرائيل عدونا".
وذكرت الدراسة مقابلة مع موقع "المونيتور" نُشرت فى 16 مايو، قال فيها رشاد بيومى، نائب المرشد الأعلى للإخوان "إننا فى جماعة «الإخوان» نرفض اتفاقيات السلام التى وقعت فى كامب ديفيد، ولم نغير موقفنا فى هذا الأمر مطلقًا"، وفى اليوم ذاته أصدر المرشد الأعلى محمد بديع بيانًا يقارن فيه وضع إسرائيل بوضع فرنسا الاستعمارى فى الجزائر ووضع إيطاليا فى ليبيا، وتنبأ باختفاء الدولة اليهودية مثلما اختفت المستعمرات الأوربية فى الشرق الأوسط.
وعلقت الدراسة أنه من حسن الحظ، فى الوقت الحالى على الأقل، أن الجيش- الداعم الرئيسى فى مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل - يحتفظ بالسلطة على أمور الأمن القومى ويواصل العمل عن كثب مع إسرائيل فى سيناء، بيد أن سياسات "الجماعة" المعادية لإسرائيل- مثل دعواتها إلى مُراجعة الملحق الأمنى لاتفاقيات كامب ديفيد بشكل أحادى - قد تجعل هذا التعاون معقدًا، ليؤكد شينكر أن هذه الدعوات تجعل استمرار تواجد "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون"، التى اضطلعت فى السنوات الأخيرة بدور فى مراقبة الحدود، أكثر أهمية عن أى وقت مضى.
الجريدة الرسمية