السماء تدافع عن عبدالناصر!
اتفق السادات مع الإخوان والأمريكان على تشويه سيرة ومسيرة جمال عبد الناصر.. ففوجئ الرئيس "المؤمن" المنتصر بخروج الجماهير بالملايين في انتفاضة يناير 77 تحمل صور الزعيم الخالد في كل مكان من إسكندرية إلى أسوان تهتف له رغم سبع سنوات على الرحيل!.
وبينما يشن الإخوان والوفد مع كتاب وصحفيي مبارك في منتصف ثمانينيات القرن الماضي أسوأ حملة على الزعيم الخالد.. حيث اتهموا مشروع السد العالي بالفشل وأنه، ويا حسرتاه، أفسد التربة وحرم المصريين أنواعا من السمك كانت تأتي مع الفيضان - الفيضان الذي كان يغرق البلاد أرضا وشعبا.. شوفوا قلة الأدب - فكان الجفاف الأصفر بلون الصحراء ردا من رب السماء على أكاذيب القوم!.
وتستمر الحملة على القطاع العام الذي بناه شعب مصر بمدخراته وعرق أبنائه ومعارك جنوده وبقيادة الزعيم الخالد.. وصفوه بالقطاع الفاشل والخاسر والفاسد.. كان الهدف إقناع الناس ببيعه والتخلص منه بأي طريقة.. وبعد سنوات ابتلع فيها الشعب الطعم.. وبعدما اكتشف أن صناعته الوطنية دمرت فلا إيديال موجودة ولا تلفزيونات كاترون ولا النصر للسيارات ولا غيرها وغيرها.. وعندما صار نصف عمال مصر مشردين في الشوارع.. عرف الناس قيمة الزعيم الخالد!.
ومنذ أواخر الثمانينيات ومنذ المبادرة العربية للسلام المعروفة بمبادرة الأمير فهد وما بعدها من تنازلات وبعد ربع قرن من تقبيل الإذلال الذي لا مثيل له.. أدرك الجميع أن قوانين جمال عبد الناصر للصراع مع إسرائيل حقيقة.. وصحيحة.. وأن الصراع صراع وجود وليس نزاع حدود.. وأن ما أخذ بالقوة لا يُرد إلا بالقوة!
وتجري أول انتخابات بعد الثورة.. ويقفز الإسلاميون إلى السلطة في مصر.. وبعدها بأسابيع يندم من انتخبهم على انتخابهم ليندهش كل المراقبين من هذا الارتداد السريع العجيب في المواقف والآراء ليفهم الجميع أن ما قاله الزعيم الخالد كان صحيحا، وأن الحرية الاجتماعية يجب أن تسبق الحرية السياسية وأن التعليم والوعي والثقافة والأمان في أكل العيش أولا.. ثم يمارس الناس السياسة بعدها محصنين واعين آمنين قادرين على الاختيار!
وتأتي أزمة المياه في إثيوبيا.. لتصفع كل من تطاول على دور مصر في الستينيات.. وكانت أفريقيا في جيب مصر.. لا تختلف معها ولا تهددها ولا تحاربها.. إنما كانت حديقتنا الخلفية..لا وجود صهيوني ولا أمريكي بها.. من دون تشنج.. من دون همبكة!
رحم الله الزعيم الخالد.. السماء تدافع عنه!.