الله في عصر العلم "4"
إنَّ مُلاءمة الأرض للحياة تتخذ صوراً عديدة لا يمكن تفسيرها على أساس المصادفة أو العشوائية، كما يزعم المنكرون لوجود الله؛ فالأرض كرة مُعلقة في الفضاء تدور حول نفسها، فيكون في ذلك تتابع الليل والنهار. كما إنها تسبح حول الشمس مرة في كل عام، فيكون في ذلك تتابع الفصول، الذي يؤدي بدوره إلى زيادة مساحة الجزيء الصالح للسكن والحياة من سطح كوكبنا ويزيد من اختلاف الأنواع النباتية أكثر مما لو كانت الأرض ساكنة، بحسب ما جاء فى كتاب: "الله يتجلى في عصر العلم".
ويحيط بالأرض غلافٌ غازيٌّ يشتمل على الغازات اللازمة للحياة، ويمتد حولها إلى ارتفاع كبير يزيد على 500 ميل، ويبلغ هذا الغلاف الغازي من الكثافة درجة تحول دون وصول ملايين الشُّهب القاتلة إلينا، والغلاف الذي يحيط بالأرض يحفظ درجة حرارتها في الحدود المناسبة للحياة، ويحمل بخار الماء من المحيطات إلى مسافات بعيدة داخل القارات، حيث يمكن أن يتكاثف مطراً يُحيي الأرض بعد موتها، والمطر مصدر الماء العذب، ولولاه لأصبحت الأرض صحراء جرداء خالية من كل أثر للحياة، كما يقول الله فى كتابه العظيم: "اعلَموا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرضَ بَعْدَ مَوتِهَا، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"..
ومن هنا نرى أن الجو والمحيطات الموجودة على سطح الأرض تمثل عجلة التوازن في الطبيعة. وبحسب الكتاب الذى أعدَّهُ "كريسى موريسون" وترجمه "محمود صالح الفلكى"، وقدَّمه وكتبَ مقدمته الدكتور "الدمرداش عبد المجيد سرحان"، وراجَعه الدكتور "محمد جمال الدين الفندى"، فإنَّ الماء يمتاز بأربع خواص هامة تعمل على صيانة الحياة في المحيطات والبحيرات والأنهار، خاصة عندما يكون الشتاء قارساً وطويلاً، فالماء يمتصُّ كميات كبيرة من الأوكسجين عندما تكون درجة حرارته منخفضة.
وتبلغ كثافة الماء أقصاها في درجة 4 مئوية، والثلج أقل كثافة من الماء مما يجعل الجليد المتكون في البحيرات والأنهار يطفو على سطح الماء لخفته النسبية، فيهيئ بذلك الفرصة لاستمرار حياة الكائنات التي تعيش في الماء في المناطق الباردة. وعندما يتجمد الماء تنطلق منه كميات كبيرة من الحرارة تساعد على صيانة حياة الأحياء التي تعيش في البحار، وهو ما ينسجم مع النص القرآنى الخالد: "وجعلنا من الماء كل شيء حي".
أمَّا الأرض اليابسة فهي بيئة ثابتة لحياة كثير من الكائنات الأرضية، فالتربة تحتوي على العناصر التي يمتصُّها النبات ويُمثلها ويُحولها إلى أنواع مختلفة من الطعام يفتقر إليها الحيوان. ويوجد كثير من المعادن قريباً من سطح الأرض، مما هيأ السبيل لقيام الحضارة الراهنة ونشأة كثير من الصناعات والفنون. وعلى ذلك فإن الأرض مُهيأة على أحسن صورة للحياة. ولا شك أن كل هذا من تيسير حكيم خبير، وصُنع الله الذى أتقن كل شيء خلقه.