الله .. في عصر العلم "3"
يُردد بعض خفاف العقول كثيراً، أن هذا الكون المادي لا يحتاج إلى خالق، ولكننا إذا سلمنا بأن هذا الكون موجود فكيف نفسر وجوده ونشأته؟ نلتمس الإجابة عن هذا التساؤل الجدلى فى كتاب "الله يتجلى فى عصر العلم"، حيث لا يزال الحديث عنه متواصلاً.
الكتابُ، الذى أعدَّهُ "كريسى موريسون"، وترجمه "محمود صالح الفلكى"، وقدَّمه وكتبَ مقدمته الدكتور "الدمرداش عبد المجيد سرحان"، وراجَعه الدكتور "محمد جمال الدين الفندى" يقولُ فى سياق إجابته عن هذا التساؤل المتجدد: "هنالك أربعة احتمالات للرد على هذا السؤال: فإما أن يكون هذا الكون مجرد وهم وخيال، وهو ما يتعارض مع القضية التي سلمنا بها حول وجوده، وإما أن يكون هذا الكون قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم، وإما أن يكون أبدياً، ليس لنشأته بداية، وإما أن يكون له خالق.
الاحتمال الأول لا يقيم أمامنا مشكلة سوى مشكلة الشعور والإحساس، فهو يعني أن إحساسنا بهذا الكون وإدراكنا لما يحدث فيه لا يعدو أن يكون وهماً من الأوهام، ليس له ظل من الحقيقة. وقد عاد إلى هذا الرأي في العلوم الطبيعية أخيراً "جيمس جيبز" الذي يرى أن هذا الكون ليس له وجودٌ فِعليٌّ، وأنه مجرد صورة في أذهاننا!!
وبحسب الكتاب، فإن هذا الرأي يقودنا إلى أن نقول: إننا نعيش في عالم من الأوهام، فمثلاً.. هذه القطارات التي نركبها ليستْ إلا خيالات، وبها ركابٌ وهميونَ، وتعبر أنهاراً لا وجود لها، وتسير فوق جسور غير مادية، وهو رأيٌ وهميٌّ لا يحتاج إلى مناقشة أو جدال. أما الرأي الثاني القائل: إن هذا العالم بما فيه من مادة وطاقة قد نشأ هكذا وحدَه من العدم، فهو لا يقلُّ عن سابقه سُخفاً وحماقة، ولا يستحقُّ هو ايضاً أن يكون جديراً بالنظر أو المناقشة.
ويستطرد الكتاب: أمَّا الرأي الثالث الذي يذهب إلى أن هذا الكون أزليٌّ ليس لنشأته بداية، فهو يشترك مع الرأي الذي ينادي بوجود خالق لهذا الكون، وذلك في عنصر واحد هو الأزلية. وفى هذه الحالة.. إما أن ننسب صفة الأزلية إلى عالم ميت، وإما أن ننسبها إلى إله حي يخلق، وهو الاحتمال الرابع. وبحسب الكتاب.. فإنَّ قوانين الديناميكا الحرارية تدل على أن مكونات هذا الكون تفقد حرارتها تدريجياً، وأنها سائرة حتماً إلى يوم تصير فيه جميع الأجسام تحت درجة من الحرارة بالغة الانخفاض هي الصفر المطلق، ويومئذ تنعدم الطاقة، وتستحيل الحياة.
ولا مناص من حدوث هذه الحالة من انعدام الطاقات عندما تصل درجة حرارة الأجسام إلى الصفر المُطلق بمضي الوقت. أمَّا الشمسُ المُستعرة والنجوم المتوهجة والأرض الغنية بأنواع الحياة، فكلها دليل واضح على ان أصل الكون يرتبط بزمان بدأ من لحظة معينة، فهو إذن حدثٌ من الأحداث. ومعنى ذلك أنه لا بدَّ لأصل الكون من خالق أزليٍّ ليس له بداية، عليم مُحيط بكل شيء، قويٍّ ليس لقدرته حدود، ولا بد أن يكون هذا الكون من صُنعه، صنع الله الذى أتقن كل شئ خلقه، وهذا هو الاحتمال الذى انتهى إليه الكتاب..