واحد من المكرمين
عرفته منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، صحفيا يعرف قدر الكلمة.. قابضا على أمانة القلم كالقابض على جمر النار.. ينتمى إلى أسرة ريفية عريقة، اتخذت التعليم مضمارا وسباقا، فتخرج فيها الطبيب والمهندس والمحامي والصحفى والمعلم..
الأب علامة من علامات الوقار بين رجال القرية الساكنة على أطراف القليوبية..الأم نهر يفيض خيرا وحبا واحتواء.. وأسرة من رموز الخير التي تنساب كرما وجودا وهمة.
زغلول صيام “نائب رئيس تحرير فيتو” الذي خاض معي وزملاء عهدناهم من الصادقين معارك صحفية كان الواجب عنوانا له، لم يعرف اليأس يوما طريقه إلى ابتسامة زغلول التي تزين محياه في أحلك لحظات عملنا الصحفي، كانت قوات الأمن تحاصر مبنى الأحرار وزغلول صيام مشغول بقصة صحفية يسطر أحداثها دون أن تتسرب إلى نفسه لحظة يأس، في أن العدد الجديد من الأحرار صادر بعزيمة الرجال، وإرادة جيل من الصحفيين الذين تخرجوا في كلية الإعلام حديثا.
الرقابة الإدارية وصفقة الجرارات المشبوهة
أتذكر أيام كان الجو السياسي فيها محملا بغيوم تحجب الرؤية، أما هو فقد كان ولايزال بصيرا ومؤمنا باللحظة التي يمسك فيها بالقلم، تعلمت منه وهو الصحفى الشاب كيف لا يهدر صاحب القلم قلمه في معارك جانبية، لم تزل قدماه أبدا، ولم ينهك نفسه في حروب القيل والقال، ظل ولا يزال صامدا مهما كانت الظروف، يؤمن أن قيامه بدوره في استنهاض همم من يعملون تحت قيادته، هو أقصر طريق لخلق أجيال جديدة قادرة على الوفاء بواجبها.
كم كنت سعيدا وأنا أرى صديقى زغلوا صيام ينحنى أمام الرئيس، ليتقلد وسام الجمهورية مع عدد من الرياضيين المكرمين، والذين رسموا ابتسامة على وجوه مائة مليون مواطن مصرى، عندما حققوا الغاية والهدف مع المنتخب الأوليمبي، قال لى ذات يوم الكابتن محمود الجوهرى عليه رحمة الله "إننى لا أشك لحظة في حب زغلول صيام وإخلاصه لى كما لا أشك لحظة في تناوله لى بالنقد العنيف دون تردى إذا ما وجد أننى على خطأ"..
وقال لى الراحل المدهش سمير زاهر "إن زغلول صيام أقرب الصحفيين إلى قلبى وأكثرهم إخلاصا لرسالته، وأعنف من هاجمنى.. كنت أندهش وأنا مدعو على الغداء في منزله بقرية الحصة، بينما صحيفة الأحرار تحمل عنوانا قاسيا ضدى في ذات اليوم!!"..
هكذا كان وهكذا يستمر صديقي المكرم مع أبطال مصر لا يمنعه حبه لمصادره من النيل منهم وفق ما يصل إليه من مستندات أو وقائع أو رؤية تتعارض مع ما يظنه مصلحة عامة.
وزغلول صيام حالة صحفية نادرة همه هو الهم العام، قضيته هي قضية الوطن الرياضية، ملفه الذي يحمله على عاتقه هو ما يجب أن تناله مصر الأبية القوية، لا يعرف في الحق لومة لائم، ينصت باهتمام شديد لكل من يعارضه في الرأي، لديه قدرة مدهشة على نقل خبراته إلى زملائه، كريم في عطائه إلى اللامنتهى، يدير زملاءه بروح الأب رغم صغر سنه..
تحية لكل من أسهم في عطاء بلادنا الحضارى.. وتحية خاصة إلى الأم التي صاغت صحفيا صافيا بطعم زغلول صيام!!