أصحاب القلوب الحمراء
هذه السطور لا تحمل دفاعاً عن أحد، لكنها رصد لمشهد تردت فيه الأخلاق، ومرضت النفوس، واعوج السلوك، وتجلى النفاق وتسيدت النذالة، وفاحت فيه رائحة الخيانة، ولو كنت مسئولاً لكان هذا المشهد بداية لكسح المطبلاتية والمتسكعين وأنصاف الموهوبين، ولا يعقب الكسح إلا عملية شاملة للتنظيف والتطهير.
كنت وما زلت مهموماً بهذا القطيع الذي اتخذ من النفاق أسلوب حياة، يغير أيديلوجياته وفقاً لمصالحه، ولا مانع من تغييره لمبادئه، فهي كما الحذاء.. يرتدي ما يتوافق مع المناسبة، ليدهس ما تبقى من أخلاق، أما الوطنية فلا تعدو شعارات، بها يزايد، ومن خلاها يتصدر الصفوف، ويتخذها أداة للنصب على خلق الله.
في المشهد يقف ذلك الرجل الذي وضعه منصبه في مركز دائرة يطوف حولها الباحثون عن المال والنجومية، والمفرطون في مبادئهم، وأجسادهم إذا لزم الأمر، والمستعدون للتفريط في وطنهم، فالشهرة مرض للساعي إليها، والمال وبال لمشتهيه.
إذا قال الرجل أنصتوا إليه، فلا قول إلا ما قال، وإذا صمت أو غاب تتآكل قلوبهم عليه، وإذا كتب هموا بالتعليق والتصفيق، واستخدموا كل ما توفره هواتفهم من قلوب حمراء وورود ووجوه ضاحكة، ثم يتغزلون في عبقريته التي طاب للبعض نعته بها، وطاب لآخرين نعته بالقائد، وطالما زيلوا تعليقاتهم بتحيا مصر ثلاث مرات.
يستنسخون مصطلحاته، أو ينحتوها، يهرولون إلى أمهات الكتب التي تستهويه لينقلوا منها، عرفوا هوامش عن الصوفية والمتصوفين، وصارت القهوة التي خاصموها من الطفولة إلا في سرادقات العزاء مشروبهم المفضل، تمتعهم مرارتها، ويذاكرون صنوفها.
يتعقب قطيع المنافقين الباحث عن الشهرة والمال خطوات المسئول، فكان مكانه المضمون حسابه على فيسبوك، يترقبون سطراً يكتبه، ثم ينهمر سيل من التعليقات، ليكتب من فهم، ويحيي مصر ثلاث مرات من جهل، يستوي في ذلك من كنا نظنهم كباراً، ومن عهدناهم صغاراً.
وفقاً لما تردد.. ذهب الرجل إلى دائرة أخرى، بعيدة عن إهتمامات الباحثين عن طلة تليفزيونية أو مقال في صحيفة، أو منصب أو مال، فابتعد المنافقون عن محيط دائرته، كما شبههم هو من قبل ( برماة أحد ) الذين كادوا أن ينصرفوا عنه من قبل بعد سماعهم لشائعة رحيله.
قد يسأل البعض وفي مقدمتهم المتلونون وحملة الصاجات.. لماذا الكتابة عن هذا المشهد ؟ ألم نقل لك إنك كنت مضاراً من وجود هذا المسئول الذي استبعدك من العمل التليفزيوني في السنوات الثلاث الماضية؟ ألم نقل لك إنه أقسم أمامنا أنك لن تعمل طوال تواجده في منصبه؟ ألم يحرض بعضنا عليك لنكتب ضدك وننال منك بالتشويه والافتراء؟ هل نسيت المحامي الذي تقدم ببلاغ للنائب العام ضدك بعد انتقادك للإعلام؟
ولهؤلاء أقول.. لقد ذهب الرجل إلى دائرة أخرى - كما تقولون - وقد لمست ذلك من انصراف أغلبكم عن التعليق على ما يكتب، كما أنني علمت أنكم تتحسسون خطاكم لمعرفة من يأتي بعده، لمعرفة مزاجه في النفاق، هل إستمالته ستكون بالقلوب الحمراء واحتساء ما يحتسي وتعقب قراءاته والهتاف لمصر ثلاث مرات والذم في من كنتم تمتدحونه بالأمس؟
أما استبعاد الرجل لي من العمل التليفزيوني فإن صح فتلك كانت قناعاته، وإن صح تحريضه على تشويهي بعد انتقادي لمنظومة الإعلام.. فأنتم الأدوات التي استخدمها في حملة التشويه.
وأما الكتابة عن المشهد في الوقت الحالي فالدافع إليها دق ناقوس الخطر، فالمشهد رغم ضآلته من وجهة نظر البعض إلا أنه يؤكد على ما أكدنا عليه مراراً، فمن إعتاد البيع من أجل مصالحه باع الكبير قبل الصغير، فاحذروا المنافقين والمتلونين وعجلوا بالتطهير إن كنتم تريدون استقامة للأمور. وللتاريخ نترك تقييم الإعلام في الفترة الماضية، فإن كان على عكس قناعاتنا جيداً فلمن تولى أمره، وإن كان سيئاً فعليه.
besheerhassan7@gmail.com