"إعادة تدوير".. 3 فتيات يحولن "القمامة" للوحات فنية (فيديو)
"كأن هناك وحش داخل رأسك"، عبارة تتوسط ورقة بيضاء معلقة في أحد مداخل "دجلة كامب" بحي المعادي، تحيط بها مجموعة من ألواح الكارتون البنية، تعلوها رسوم لأشخاص تبدو آثار المرض النفسي على تعبيراتهم، بينما تحيط بهم عدد من القطع البلاستيكية التي تغلف أحد أنواع أدوية الأرق المزمن، تقف طويلا أمام ما تراه، حتى تتبين اسم الفتاة التي قدمت هذا المشروع وتدعى "سمر حسن"، مستخدمة فيه ما يعرف بـ "الخامات المعاد تدويرها"، وذلك ضمن معرض كبير يتبع مؤسسة تسمى "باستيد" أسستها ثلاث فتيات من كلية الفنون الجميلة منذ حوالي عام، ويحمل المعرض اسم "إعادة خلق"، لإعادة استخدام البلاستيك والمواد القابلة لإعادة الاستخدام مرة أخرى.
منذ حوالي عام لمعت الفكرة "تأسيس باستيد" في رأس "آية وآية و سارة" الصديقات الثلاثة بكلية الفنون الجميلة، أن يؤسسن كيانا بسيطا يعبرن خلاله عن الفن الذي تعلمانه خلال سنوات الدراسة، وتقليل الفجوة التي حدثت بين المجتمع والفن، وابتعادهم عن الفن بشكل كبير، بالرغم من كونه الأداة الأقوى لنقل الحضارات كما يرى الفتيات الثلاثة، "كنا بنعمل فاعليات فنية وبنندمج مه الناس من خلال الورش والبازارات والعروض الفنية اللي بنزل فيها، الورش مثلا بنعلم الناس مهارات فنية ممكن يستخدموها وبنجمع فنانين وبنطلع معرض فني الناس تشوفه، وكان أول معرض نعمله، هو "إعادة خلق" من خلال عمل مشروعات فنية ملموسة باستخدام الخامات المعاد تدويرها وده علشان نساعد البيئة وفي نفس الوقت نقلل الفجوة ونشر الفن" تتحدث آية قنديل إحدى مؤسسات باستيد ومعرض إعادة خلق.
كان الاعتماد كليا على استخدام البلاستيك والورق القديم والخشب القابل للحرق، وغيرهم من مخلفات البيئة التي قد تضرها إذا تم تركها هكذا دون إعادة تدوير "كنا بنستخدم أي حاجة جاية من الزبالة".
غرفة منتجات الأخشاب والأثاث تفتتح معرض "Cairo wood show".. غدا
حينما تمر من مدخل "دجلة كامب" في حي المعادي، تنظر حولك، يمينا ويسارا فوق أحجار متوسطة الارتفاع تجد مجسما ما يحمل عنوان بذاته، والمواد المستخدمة ووصف للمشروع المعروض فوق الحجر الأبيض، فهنا تجد مجسما لسمكة مصنوعة من عبوة المشروب الغازي المعدنية، كإشارة إلى ضرورة عدم إلقاء المخلفات في مياه البحر والنيل.
مشروع آخر يشير إلى تأثير التكنولوجيا على الإنسان عقله وفقدانه للتواصل الاجتماعي باستخدام أسلاك كهربائية، وثالث يستخدم أخشاب البناء في وصف فني خالص للعنصرية بين الشعوب، وبالطبع مشروع "سمر حسن" الذي سبق الحديث منه قبل قليل، "المشروعات اللي هنا دي 23 مشروع لـ 23 فنان مختلف من أصل 100 فنان تقدموا من كام شهر للاشتراك في المعرض" تتحدث آية كمالي إحدى مؤسسات "باستيد".
22 نوفمبر الماضي كان موعد إنطلاق معرض "إعادة خلق"، بعد تحضيرات استمرت لأكثر من ستة أشهر، تقييم مستمر لأعمال الفنانين المشاركين، والوصول لأكثر المشروعات التي تناسب فكرة المشروع "إعادة خلق" القائم على إعادة تدوير المخلفات البيئية، فبالعودة لآية قنديل للحديث عن هذه النقطة فتقول :"مكناش عايزينهم يستخدموا الخامات المعاد تدويرها فقط، ولكن يقدروا قيمة ده ولو في مشروع بيحصل كل سنة مرة، لأنه ده هيساعد البيئة بشكل كبير، كنا عايزين وسط الفاعليات الكثيرة الخاصة بالحفاظ على الببئة إننا نشارك في ده وتكون لنا بصمتنا الخاصة في هذا الأمر وننتج أعمال فنية ناجحة من خلال خامات معاد تدويرها، لأنه كل الناس اللي كانت بتسمع عن معرض إعادة خلق ده كانت فاكرة إنها هتيجي تتفرج على شوية زبالة ليس إلا وده مش حقيقة، ولكن الحقيقة إنه فيه حاجات ينفع تتعلق في أي مكان أو مؤسسة عامة".
منذ أن أطلقت "باستيد" بسواعد الفتيات الثلاث معرض "إعادة خلق" لاقى استحسانا كبيرا من قبل الزائرين والمتخصصين، لكن ظل هذا الإعجاب قاصر على عبارات الإطراء والثناء، فلم تتجه أية مؤسسة حكومية أو أهلية بتقديم الدعم المادي لهن "إحنا بعد ما خرجنا المعرض للنور ولقينا تفاعل كبير جدا وناس كتير تفاعلت معاه، كل حد لمسه المشروع أو عجبه حس إنه شبهه، كنت حابة إني أعرف آراء الناس في كل قطعة موجودة هنا، وبندعو مؤسسات وطلبة يتفرجوا على حاجة أول مرة تحصل في مصر. فوق الـ 160 شخص ويمكن أكثر كمان، وعلى مدار الأسبوع ناس كثيرة جدا حضرت، وردود الأفعال كانت مرضية جدا بالنسبة لي، كل حد كان بيقف قدام مشروع معين ويقول ده لامسني جدا وقال حاجات يمكن مش عارف أعبر عنها" تتحدث آية كمالي.
أما عن سبب تسمية المؤسسة الراعية للمعرض والمعارض الأخرى التي تنظمها الفتيات الثلاثة، وهو "باستيد"، فتؤكد آية كمالي على أن الاختيار وقع على هذا الاسم حبا وإعجابا بالآلهة "باستيد" التي كان يرمز لها بوجه القطة وجسد المرأة في العصر الفرعوني، وهي راعية وحارسة المحاصيل والزرع.