تقليم أظافر وزارة الداخلية
أظنك مثلي تؤمن بأن العدالة ليست فقط قاضي يحكم، لكنها أيضًا نيابة تحقق وتطلب أدلة وتحريات، وهذه الأدلة والتحريات تقوم بها وزارة الداخلية. أي أن القاضي في النهاية يحكم بما هو أمامه. وحتى إذا طلب من النيابة استكمال أمر ما في التحقيق، فالنيابة بدورها أمامها لتحقيق ذلك أمران، الأول هو استدعاء الشهود والمتهمين من جديد وطلب الأدلة من جديد ، أي العودة مرة أخرى إلى وزارة الداخلية.
إذن فهذه الوزارة ركن أساسي في تحقيق العدالة والمشكلة هي أن هذه الأداة مشكوك في نزاهتها، لأنها تتبع وزيرًا يعيِّنه النظام الحاكم، سواءً كان الإخوان أو من قبلهم مبارك.
هذا الشك يزيد إذا كان هناك أمران، الأول هو أن يكون العاملون في الوزارة طرفًا في هذه القضايا، مثل قضايا القتل والاعتداء على المتظاهرين أو على عموم الناس. فهل منطقي أن نطلب من قادة الداخلية بعد الثورة أن يعطوا النيابة الأدلة التي سوف توصلهم إلى حبل المشنقة. وهل منطقي أن نطلب من قادة الداخلية الآن تقديم الأدلة التي تدينهم في قتل المتظاهرين للنيابة، أو في حالات التعذيب أو الاعتداء على أي مواطن لكي يدخلوا السجن؟!!
بالطبع ليس منطقيًا.
الأمر الثاني هو القضايا ذات الطابع السياسي، مثل حالات القبض الأخيرة على كثير من الناشطين السياسيين، أو حتى الاعتداء عليهم. فمثلاً من سوف يجمع أدلة الاعتداء وتعذيب وقتل ناشطين أمام قصر الاتحادية أو أمام مقر الإخوان في المقطم.. فهل منطقي أن يجمع رجال الداخلية أدلة ضد التنظيم السري للإخوان الذي اختار وزيرهم، وهل سوف يسمح لهم بذلك؟!
حتى إذا حدث وكان رجال الشرطة من الملائكة، وفعلوا ذلك، وقدموا أدلة ضد الإخوان ، فسوف تظل نزاهتهم مشكوكًا فيها، لأن هذا الوضع ملىء بالشبهات.
إذن ما هو الحل؟
اقتراحي هو أن يكون المعنيون بالتحريات وجمع الأدلة لا علاقة لهم بوزارة الداخلية، ولكن يكونوا تابعين للقضاء، أي المجلس الأعلى للقضاء. وتكون لهم سلطة جمع الأدلة والتحريات بحرية واستقلالية كاملة. هذا الجهاز الجديد لابد أن تضاف إليه هيئة الطب الشرعي التي تتبع وزارة العدل.
فهي الآن مشكوك بالطبع في نزاهتها. فحتى لو كان الشهيد محمد الجندي لم يتعرض للتعذيب ومثلما قالوا صدمته سيارة لا يمكننا التصديق، لأن هذا الجهاز يتبع وزيرًا يعينه الذين يحكمون، وليس منطقيًا أن نطالبه بأن يصدر تقارير تورط وزير العدل في مشكلة مع زميله وزير الداخلية ومشكلة مع رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.
فليس منطقياً أن نطلب منه وضع رقبته تحت المقصلة؟!