كامل الشناوي بأقلام كتاب مصر
رحل الكاتب الساخر والشاعر كامل الشناوى أواخر عام 1965 وقد رثاه جميع كتاب مصر من زملائه وممن تتلمذوا على يديه في عالم الصحافة.
قال عنه الناقد رجاء النقاش في الأخبار عام 1965: "كامل كان يرى أن الحب والعذاب فيهما شيء واحد، كما أنه يمكن أن يميل إلى الحب السهل الخالى من الآلام والمشكلات لذلك لم يتزوج ولم يعرف في حياته إلا قصة حبه للفنانة التي خانته فكتب فيها قصيدة "لا تكذبي، إني رأيتكما معا".
وتابع: "رغم أنه أحب الكثير غيرها من الفنانات والسيدات، عاش كامل الشناوى حياته فنا رائعا فريدا وفى أسلوبه ومزاجه الخاص دون أن يعنيه في قليل أو كثير أن يبدع خلالها فنا يصلح للنشر والانتشار والخلود.. أصر أن تكون حياته ذلك الكتاب العظيم الذي استنفد سنوات عمره وعصارة فكره، وأشواق قلبه ورحيق صمته، وكل ماله ومرحه وسخرياته".
وقال أنيس منصور: اختار أن يكون عاشقا للسياسة، وعاشقا للقضايا الإنسانية، ولم يكن له لون سياسي وإنما كان صديق الساسة، وهم يتعاملون معه كقيمة عظيمة فوق كل الميول والاتجاهات، هو من ألمع ظرفاء عصره، وكانت سخريته تطال الجميع، ومقالبه لا تترك أحد، حتى أخوه لم يسلم من مقالبه.
وأضاف: "حين تخرج وأصبح محاميا أعد لافتة ضخمة على باب مكتبه كتب فوقها عبارة (المحامى أمام المحاكم الشرعية) شطب كامل كلمة "أمام" ووضع بدلا منها "خلف "ولم ينتبه اخوه إلى الكلمة المعدلة".
وقال محمود السعدنى: امتلك الكاتب والشاعر كامل الشناوى موهبة كبيرة وإحساسا عاليا وخفة ظل يستظل بها الجميع، وكل من حضر جلساته تعرض لمقالبه وقفشاته، ملئت قعداته وكتاباته بالسخرية والحب، وكان إذا أحب أحب بكل جوارحه، وإذا كره كره بلا قيد والى النهاية لكنه نادرا ما كان يكره أحدا، وكان يشم رائحة موهبة الشخص على بعد ألف ميل فيجاهد في سبيل أن يدفع بها خطوة إلى الأمام هذا إذا كانت موهبة فعلا.
كما قال عنه الكاتب صلاح حافظ: لقد وزع كامل الشناوي إنتاجه الصحفي والأدبي على آلاف الصفحات المبعثرة في الصحف والمجلات منذ الثلاثينيات، كما وزع كامل أخباره وخبراته وثروته وكيانه على مئات المثقفين والشعراء والفنانين بعضهم كانوا نجوما ورحلوا والباقى منهم أطال الله أعمارهم مازالوا يثرون حياتنا الأدبية والفنية، وبعد إلغاء معاهدة 1936 وانطلاق المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة القنال، في هذه الفترة من عمر النضال أذاعت الإذاعة كلمات ممتلئة بالحماس تحرض على الصمود كانت من نشيد "الحرية" لكامل الشناوي وبتعبير وأداء رائع من عبد الوهاب كان لها وقع السحر والثورة في وجدان جيلنا.
وقال المفكر الدكتور مصطفى محمود: عرفت كامل الشناوي بالصدفة كنت أعمل محررا في جريدة "الأساس"، وفجأة سمعت عن صحيفة جديدة تصدر اسمها "المساء" وقيل لي لماذا لا تقابل كامل الشناوي وتعمل معه، وبالفعل قابلت كامل الشناوي.. كل شيء فيه غريب صوته ضخم ملىء وجسمه أيضا وبسرعة قرر اختياري وبسرعة حدد راتبي وعملت معه وتقاضيت 60 جنيها شهريا، كامل الشناوي يدعونا إلى العشاء كل ليلة وعلى نفقته ويرفض أن يحاول أينا أن يدفع.. حتى الكبار من الباشوات وأم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش وإحسان عبد القدوس ومصطفى وعلى أمين وغيرهم. كان مثل جزيرة المغناطيس التي تجمع هؤلاء إلى بعضهم البعض، ثم ننفلت من الضحك ومن المتعة الأدبية كل ليلة.
وكتب الصحفى مصطفى أمين عنه يقول :كانت غدة الحب في قلبه تفرز باستمرار، ما مر يوم في حياته ولم أره غارقا في قصة حب، وكنت أقول أن قلبه كروايات سينما مترو في تلك الأيام كل أسبوع فيلم جديد، وكان يسمى الفتاة التي يعيش معها قصة "آخر صيحة"، أعظم هوايات كامل الشناوى كانت احتضان المواهب الجديدة ودفعها إلى الأمام والحماس لها وقد سمعت اسم عبد الحليم حافظ لأول مرة في حياتى من كامل الشناوى.. كان ذوقه في الحب غريبا.. كان دميما ولا يختار إلا ملكات الجمال، وكان ضخم الجثة ولا يختار معبودته إلا دقيقة صغيرة قصيرة، وكان مخلصا أمينا في حبه ولا يقع إلا في هوى الغانيات المتقلبات الخائنات الغادرات.