الصناعة أولا!
المبادرة التي أعلنها "طارق عامر" محافظ البنك المركزى لدعم الصناعة خطوة جيدة وطيبة لدفع اقتصادنا الوطنى، ويحتاجها نظرا لأن الصناعة هي القاطرة الحقيقية لاى اقتصاد، قبل السياحة والتشييد والبناء والعقارات.. لكن هذه المبادرة رغم أهميتها لا تكفى لتنشيط ودفع الصناعة في البلاد.. فإن الصناعة لدينا لا تشكو فقط من نقص التمويل الذي توفره البنوك، ولا تعانى فقط من نقص السيولة التي أدت إلى تراكم الديون على بعض المستثمرين فيها، مما أدى إلى تعثرهم وإغلاق العديد من المنشآت الصناعية.. إنما مع الإقرار بهذه المشكلات والأزمات التي أصابت الصناعة، فإنها يسبقها مشكلات أخرى تعوق الاستثمار الصناعى وتعطل تنشيط القطاع الصناعى.وإذا كانت الصناعة قد بدأت تأخذ مكانها الواضح في اهتمام الإدارة المصرية الحالية، فإن هذا الاهتمام يجب أن يترجم إلى مواقف وقرارات وأعمال من قبل من يتولون حاليا إدارة اقتصادنا الوطنى.. وأول هذه القرارات والأعمال تيسير الحصول على التراخيص الصناعية التي ما زال يشكو صعوبتها المستثمرين بشكل عام والمستثمرين في قطاع الصناعة بشكل خاص.. ويلى ذلك مشكلة توفير وتخصيص الأراضي للمشروعات والاستثمارات الصناعية. وبعدها يأتى أولويات الصناعات التي يحتاجها اقتصادنا، أي تحديد إستراتيجية الصناعة بتحديد هل نصنع ما ينقصنا ونحتاجه وتستوردها من الخارج أم نصنع ما نصدره للخارج.. أو التصنيع لتخفيض الواردات أم التصنيع لزيادة الصادرات. وكل ذلك يخرج عن نطاق عمل واختصاص البنك المركزى ورئيسه، إنما هو اختصاص ودور الحكومة بشكل عام وكل من يشاركون في إدارة اقتصادنا الوطنى من الوزراء والمسؤولين.. ويتعين كما قام البنك المركزى بدوره أن تقوم الحكومة بدورها هي الأخرى، ولا تفعل مثلما فعلت لوقت ليس بقصير في مواجهة ترشيد الواردات، حينما ألقت بالأمر كله على البنك المركزى وسياسته النقدية.وحتى تتحقق انطلاقة صناعية حقيقية وكبيرة نحن في أشد الحاجة اليها الآن، فإنها يتعين أن تهتم الحكومة بالمستثمر الصغير والمستثمر المتوسط أساسا وليس كبار رجال الأعمال وحدهم، ولعل ذلك هو ما دفع البنك المركزى للاهتمام بهم.