رئيس التحرير
عصام كامل

الابتـــزاز بــ "الكـــــول تــــون"


لم يعد مقبولا السكوت على بعض ممارسات شركات المحمول في مصر بحق عملائها، وما يسمى خدمة الــ "كول تون" أو النغمة التي يسمعها كل المتصلين بك على موبايلك هو أحد أوجه تلك الممارسات التي قد تصل إلى حد الابتزاز، حيث تفرضها تلك الشركات على المستهلكين وتحصد بموجبها ملايين الجنيهات من جيوب الغلابة شهريا دون علمهم وتجبرهم على دفع اشتراك شهرى لا فكاك ولا مهرب ولا مفر ولا مخرج منه وهم آخر من يعلم، وعندما يكتشفون الفخ ويطلبون إلغاء الخدمة والخروج منها لا يستطيعون.


حكاية الابتزاز تبدأ برسالة نصية تتلقاها على تليفونك المحمول تقول "لقد تم اشتراكك في خدمة الكول تون بنجاح، سيتم تشغيل الخدمة خلال 24 ساعة"، وبعد ساعات تصلك رسالة أخرى "لقد تم تحميل الكول تون في ألبومك بنجاح بسعر 5 جنيهات.. لإلغاء الكول تون ابعت حذف "الرقم الفلانى" 4 أرقام مختلفة.. إلى "الرقم العلانى" 4 أرقام متشابهة، وإذا اكتشفت الرسالة بالصدفة بعد عدة شهور على موبايلك وحاولت إلغاء هذه النغمة المزعجة والغريبة بإرسال رسالة الإلغاء المطلوبة إلى الرقم المذكور لن تتمكن وستجد بجوار رسالة الإلغاء علامة تعجب.

هل تجهل شركات المحمول أن معظم الناس لا تهتم بالرسائل العادية التي تتلقاها على موبايلاتها وبالتالى لا أحد يرى هذه الرسالة من الأصل، الغريب أنه تمر شهور عديدة قبل أن تكتشف أنك تسدد شهريا مقابل هذه النغمة المزعجة التي لم تطلب الاشتراك فيها أصلا، بل إنها تسيء اليك لأنها في الغالب تكون لأحد "مطربى المهرجانات" الذين يمارسون أبشع أنواع التلوث السمعى ويؤذون أذن السامعين، الغريب أنك تفاجأ بمن يسألك من المتصلين بك عن النغمة الغريبة التي سمعها على موبايلك وكيف اخترتها، ولا يعلم أنها فُرِضت عليك فرضا.

أعرف كثيرين يعانون من هذا الإبتزاز شهريا ويخجلون من الحديث فيه ومنهم ناس غلابة تقدم بهم السن لايستطيعون التعامل مع الموبايل أساسا، وكلما شحنوه برصيد مالى يتم سحبه منهم دون إدراكهم أن هذا السحب يذهب لحساب تلك النغمة الوهمية الكاذبة.

إن حصيلة الخمسة جنيهات شهريا من ملايين المصريين تصنع مليارات الجنيهات، فهل شركات المحمول فقيرة لكى تمارس الإبتزاز والسلوك غير الأخلاقى بحق ملايين المصريين الغلابة؟، مطلوب من الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات إلزام شركات المحمول بإيقاف هذا العبث وهذا الابتزاز فورا.

وبمناسبة الحديث عن شركات المحمول، هناك سؤال يفرض نفسه "هل وجود الإنترنت في البيت هو سلعة ترفيهية لكى تفرض عليه الدولة 14% قيمة الضريبة المسماة "القيمة المضافة"، وهل المواطن الغلبان أكثر ثراء من شركات الاتصالات لكى يسدد هو نسبة الـ 14% كاملة على فاتورة الإنترنت المنزلى؟

وطالما جاء الحديث عن ضريبة القيمة المضافة، هل المواطن المصرى أكثر ثراء من المحال والمطاعم والكافيهات الكبرى ليسدد هو 14% إضافية من قيمة كل خدمة أو سلعة يحصل عليها أو وجبة أو مشروب يتناوله؟ ولماذا لايتحملها ويسددها ملاك تلك المحال وليس المواطنين الغلابة.

بصراحة مطلوب إعادة النظر في تلك الضريبة البغيضة التي قيل لنا عند إصدارها في يوليو 2016 إنها تفرض على السلع الترفيهية أو غير الأساسية فقط مثل المياه الغازية والبيرة وأجهزة التكييف والعطور ومستحضرات التجميل.

فعندما يصطحب الأب أسرته لتناول وجبة في محل خارج المنزل، ماذنبه لكى يدفع نحو 100 جنيه إضافية كضريبة قيمة مضافة، فهذا الوجبة أيا كان نوعها ليست سلعة ترفيهية.

يحدث هذا بالتزامن مع رسوم فرضتها وزارة المالية أمس على تراخيص السيارات الجديدة تحت اسم "تنمية" وتصل إلى 46 ألف جنيه، وبالتزامن أيضا مع قرار لوزيرة التضامن بفرض رسوم إضافية على دخول دور السينما والملاهي وتذاكر القطارات ورسائل البرقيات أو التليفون والرسائل البريدية.

لسنا ضد الضريبة في حد ذاتها باعتبار أنها تدر مئات المليارات وتذهب حصيلتها إلى الموازنة العامة للدولة، لكنى ضد أن يتحمل المواطن وحده نسبتها الكبيرة، وإذا كانت هناك إرهاصات حديث عن اجراءات لتخفيف العبء عن كأهل المواطنين فليكن مراجعة بنود هذه الضريبة أول هذه الإجراءات، خصوصا أنها تم فرضها قبل صدور قرار تعويم الجنيه بستة أشهر، وهو القرار الذي ضاعف أسعار كل السلع والخدمات بنسبة 150% ونقل كثير من أفراد الطبقة تحت المتوسطة من المصريين إلى الطبقة الفقيرة.

كفانا تحميل الناس باستحقاقات مالية تزيد من معاناتهم، فالمفترض أن تصدر القوانين لإراحة المواطنين ولتخفيف الأعباء المالية عنهم، ولا تصدر باعتبارهم "البقرة الحلوب" أو "الدجاجة التي تبيض ذهبا للدولة".

* قرار غريب أصدره رئيس الإدارة المركزية لحديقة الحيوان بالجيزة وهو زيادة سعر تذكرة دخول الحديقة يوم الثلاثاء دون باقى أيام الأسبوع إلى 65 جنيها، الطريف أن سعرها في الأيام العادية يبلغ 5 جنيهات، فهل يجوز رفع سعر التذكرة 13 ضعفا بنسبة 1250%؟.. أتصور أن مبلغ الزيادة المبالغ فيه يحتاج إلى مراجعة حتى لو كان يهدف إلى زيادة رسوم الحديقة وتحسين الخدمات.

الجريدة الرسمية