حكم المنتحر في الإسلام.. خالد بدير يكشف أسباب انتحار الشباب
حكم المنتحر في الإسلام.. أكد الدكتور خالد بدير، من علماء وزارة الأوقاف، أن الإسلام في أمره بالدعوة إلى حفظ النفس يذهب إلى أدق من ذلك؛ فنهى حتى عن تمني الموت؛ ولا شك أن النهي عن الأدنى؛ من باب الترقي في النهي؛ وفيه دلالة على جرم وعظم الجريمة العليا وهي إزهاق النفس بأي صورة، وأن الانتحار محرم شرعا لقوله تعالى: { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } ؛ وقوله : {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ؛ والانتحار ليس كفراً مخرجاً من الملة كما يظن بعض الناس ، بل هو من كبائر الذنوب التي تكون في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء غفرها وإن شاء عذَّب بها، فالمنتحر يعامل معاملة المسلم في الدنيا ؛ يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ؛ وأمره إلى الله في الآخرة .
وينبغى على جميع الجهات المعنية القضاء على ظاهرة الانتحار وذلك من خلال معالجة أسباب هذه الظاهرة الخطيرة التي تدمر شباب الأمة
حكم المنتحر في الإسلام
وأوضح بدير، أن هناك عدة أسباب في واقعنا المعاصر تدفع الشباب إلى عملية الانتحار وتتلخص هذه الأسباب فيما يلي: أولا: ضعف الوازع الديني عند الإنسان، وعدم إدراك خطورة هذا الفعل الشنيع والجريمة الكُبرى التي يترتب عليها حرمان النفس من حقها في الحياة؛ وهذا نتيجة عدم اكتمال المعنى الإيماني في النفس البشرية؛ إذ إن الإيمان الكامل الصحيح يفرض على الإنسان الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، وعدم الاعتراض على ذلك القدر مهما بدأ للإنسان أنه سيءٌ أو غير مرضٍ، ولا شك أن الانتحار لا يخرج عن كونه اعتراضًا على واقع الحال ودليلًا على عدم الرضا به.
حكم المنتحر في الإسلام
وأضاف لـ"فيتو" أن ثاني الأسباب هو اشتغال النفس بحال الآخرين ومراقبتهم والغفلة عن نفسه، وانشغاله بالآخرين يوقعه في محاذير ومخاطر كثيرة، منها تركه نفع نفسه والوقوع فيما لا يعنيه، والصواب والسنة والخير والراحة في تركه ما لا يعنيه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ”(الترمذي وابن ماجة)؛ وليس تركه ما لا يعنيه فحسب؛ بل عليه أن يحرص على كل ما ينفعه؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ؛ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ؛ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا؛ وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ”(مسلم)؛ فينبغي على الإنسان أن ينظر إلى من هو دونه في أمر دنياه؛ وإلى من هو فوقه في أمر دينه؛ فإن فعل ذلك نال القناعة ورضا مولاه.
حكم المنتحر في الإسلام | داعية أزهري: المنتحر المسلم ليس بكافر باتفاق المذاهب الأربعة
ثالثا: غلبة الظن الخاطئ عند المنتحر أنه سيضع بانتحاره وإزهاقه لنفسه حدًّا لما يعيشه أو يُعانيه من مشكلاتٍ أو ضغوطٍ أو ظروف سيئة، فيظن المنتحر أنه سيترك الشقاء والتعب، وسيجد الراحة بعد قتل نفسه، ولم يدرِ ماذا وراء القبر، والمرحلةَ التي هو مقبلٌ عليها، إنها الشقاء الطويل والعذابُ الأليم الذي يهون أمامه كَبَدُ الدنيا ونصبها؛ وهذا – الظن– مفهومٌ خاطئٌ ومغلوطٌ وبعيدٌ كل البُعد عن الحقيقة؛ كما ذكرنا في عنصرنا السابق.
حكم المنتحر في الإسلام
رابعا: المشكلات والهموم والغموم بجميع صورها من كثرة الديون والمشكلات الاقتصادية والزوجية والجهل والجزع وعدم الصبر، والاستسلام لليأس والقنوط وما يؤدي إلى ذلك من الهواجس والأفكار والوساوس.
خامسا: أن بعض الشباب له طموحاتٌ تعانق السحاب؛ لكنه في الوقت نفسه لا يقدّم عملًا، أو أنه يكدّ ويكدح ويلهث ولكن دون المستوى الذي يؤمله، فيصاب هو الآخر بإحباط، فيوحي إليه الشيطان أن الحل الأفضل له التخلص وسرعة الخروج من هذه الدنيا.