الوزير الذي نريده!
علم السياسة والواقع يقول إن الوزير السياسي يضع الخطط ويرسم السياسات ويتخذ القرارات ثم يترك لمساعديه أمر التنفيذ، ويتابعهم ليقيِّم ما تحقق دون أن تغرقه تفاصيل روتينية ابتلعت كثيرًا ممن تصدوا لذلك المنصب سنوات كثيرة، تعاملوا معه بمنطق رد الفعل والاستسلام لتقارير مرءوسيهم، الذين زينوا لهم الواقع، وأبعدوهم عن الميدان الحقيقي للمشكلات التي تحول معها الوزراء إلى موظفين بيروقراطيين..
تقتصر مهامهم على على مطالعة البوستة وتوقيع الأوراق، والوقوع في أسر المساعدين والخوف من اتخاذ القرارات الجريئة والصعبة، وهو ما يرفضه الرئيس السيسي جملة وتفصيلًا، ودائمًا ما يشجع الوزراء على اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب دونما تأخير أو تأجيل.
وحين ننظر متأملين في تاريخنا السياسي نجد هناك الوزير نادر الوجود، وهو الذي يمتلك أفقًا سياسيًا واسعًا ودراية كاملة بحدود وزارته وطبيعتها تجري منه السياسة مجرى الدم في العروق، وهو نموذج موجود رغم ندرته وهو الأقدر على النجاح وتغيير الواقع الصعب، وإحداث التأثير المطلوب وانتزاع ثقة المواطنين المتعاملين مع وزارته وإعجابهم..
فهو يملك بحكم تكوينه العقلي والوجداني وتركيبته السياسية قدرات خاصة وموهبة تؤهله للتواصل مع المجتمع، وإدارة حوار مقنع ومثمر مع جمهور المخاطبين، سواء على أرض الواقع أو عبر وسائل التواصل المختلفة، ويمكنه من اتخاذ قرارات ناجعة تريح الناس وتضيف إلى وزارته وإلى الحكومة كلها رصيدًا من الشعبية والمساندة الجماهيرية..
التي من شأنها إحداث استقرار سياسي يقطع الطريق على المزايدين والمشوهين للحقائق والمرجفين، وما أكثرهم في زماننا وما أشد حاجتنا اليوم إلى مثل هذه النوعية من الوزراء.