رئيس التحرير
عصام كامل

أين شعبي.. ماذا جرى للمصريين؟!


ذهبت الزميلة "نوران الصاوي" مع والدتها الكاتبة والزميلة "رحاب عبد اللطيف" إلى الطبيب بعد أعراض إعياء شديدة.. أثناء انتظار الدور في العيادة ولم يعد إلا عدد بسيط جدا ربما مريض أو اثنان تدهورت حالة "رحاب"، حتى أغمى عليها وفقدت الوعي أثناء محاولات إفاقتها خرج المريض الذي بالداخل، ولم يعد أمامهما إلا مريض واحد، فاستـأذناه للدخول قبله، نظرا لتدهور الحالة إلا أن الرجل وزوجته رفضا تماما وثارا وهاجا وماجا اعتراضا أساسا على فكرة طلب كهذا! فاضطرت "نوران" إلى الذهاب بوالدتها إلى أقرب مستشفى!!


على يقين أن هذه الصورة - رغم وجود نماذج رائعة كثيرة- قد تكون تكررت مع الكثيرين.. بحجج مختلفة كلها لا خطر فيها كبعد المشوار أو البقاء لفترة طويلة إلى حد الملل أو ترك الأطفال في المنزل وهكذا! وكلها أسباب لا تقارن على الإطلاق بتعرض روح إنسان للخطر أو حتى تعرضه للألم!

ماذا جرى إذن؟ كيف تحولنا إلى هذا الحال؟! بمختلف صوره وأشكاله من أنواع جرائم تحمل من التشفي والانتقام البشع أكثر مما تحمل من الانفعال أو التمادي في الغضب أو الشيطان الشاطر الذي ورط أصحابه؟! كيف وصلنا إلى قتل الأم لأبنائها لإخفاء جرائم أخرى وتعذيب الآباء لأطفالهم الأبرياء حتى الموت وقتل الأبناء لآبائهم من أجل المخدرات؟

وكيف وصلنا في بعض الحالات إلى تقطيع الجثث وتعبئتها في أكياس وحملها وتوزيعها؟ وكيف يمكن أن يموت مصريا بالسقوط من القطار وبدلا من القول كما كان آباؤنا وأجدادنا يقولون "خد ايه.. أهو خسر حياته ودمر أسرته"، أو "في حد يخسر حياته علشان الفلوس.. لا حول ولا قوة الا بالله"، إلى ما أصبحنا نردده اليوم مثل "أهو غار في داهية.. كلب وراح"؟!

وهنا لا نناقش الخطأ من عدمه لا في عمومه ولا تفاصيله، إنما نناقش كيف أصبحنا نستقبل أنباء موت الآخرين رغم علمنا بصغر أعمارهم وسعيهم لأكل العيش وإنفاقهم على أسر! رغم أننا كنا في السابق -نحن نفس الشعب- نترحم حتى على المجرمين وأقسى ما يمكن وصفهم به بعبارات شهيرة الأولى "أراح واستراح"، أو "نال جزاءه"، أو "يمهل ولا يهمل"، وهي عبارات كانت تعليقا على جرائم لقتلى وسفاحين!

الحزن الآن على غياب سلوكيات "زمان" من احترام الجار للجار والتواصل العائلي، وتأديب الصغار أن أهانوا الكبار وتقديم الكبار في دور الانتظار، وفي الجلوس في المواصلات العامة! باتت لا معنى لها الآن.. فقد مضى الزمن بما فيه فيما يبدو.. وأصبحنا ندافع عن ما تبقى من قيم وفي وضع أكثر صعوبة! ماذا نفعل؟ وكيف وصلنا إلى ذلك؟!

هل آثار الانفتاح الاقتصادي والصراع الاجتماعي الذي بدأ معه وشيوع المذهب الفردي ونزعة "أنا ومن بعدي الطوفان"؟ والأخطر: ما الحل؟ هل هناك حل؟ ندرك أنه لا عقدة في العالم بدون حل لكن.. كيف ذلك ومن أين نبدأ؟!".
الجريدة الرسمية