هل يُنهي "خليجي 24" الخصومة بين السعودية وقطر؟
لم تنجح الرياضة على مدار التاريخ كثيرًا في تقريب وجهات نظر ساسة متخاصمين، لكن قد يرغب هؤلاء أحيانًا بالإعلان عن قرار ما عبر إرسال مؤشرات رياضية، فهل يحدث ذلك في "خليجي 24"؟
فصل جديد قد يكتب في الأزمة الخليجية، بعد إعلان منتخبات السعودية والإمارات والبحرين، عن مشاركتها في بطولة كأس الخليج لكرة القدم والمعروفة بـ "خليجي 24" التي ستنظمها قطر نهاية شهر نوفمبر الجاري، لتعود المنتخبات الثلاثة عن قرار أوّل غير معلن، بعدم المشاركة في هذه البطولة.
ورغم أن اتحادات الكرة في البلدان الثلاثة برّرت قرار المشاركة بـ "تجديد الدعوة التي وجهها إليها الاتحاد الخليجي"، إلّا أن المتتبع للموضوع يدرك أن هناك أسبابًا سياسية بالأساس، تعود إلى الرياض التي تمثل مِحور معسكر المقاطعة؛ إذ يبدو أنها هي التي جعلت الأطراف الثلاثة تعود للمشاركة في البطولة، بعدما كانت القرعة الأوّلية مقصورة على قطر والكويت وعمان والعراق واليمن. فهل تقترب الأزمة الخليجية من نهايتها؟ أم أن حجم الخلاف أعمق ولن تستطيع الكرة إذابة الجليد الذي تراكم فيه على مدار سنوات؟
هل نجحت الوساطة الكويتية؟
لا يعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بالبطولة الخليجية، وبالتالي فلا واجبات كروية تترّتب على أيّ دولة جرّاء عدم المشاركة فيها؛ لذلك فقرار السعودية والإمارات والبحرين هو قرار سياسي بالأساس، حسبما يخلص إليه فايز النشوان، أستاذ العلاقات الدولية في الكويت.
وقد ربطت بعض المواقع بين زيارة نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، للعاصمة العمانية "مسقط"، حيث التقى بالسلطان قابوس، وبين قرار المشاركة في "خليجي 24".
وأتت هذه التكهنات نظرًا لأن عمان، التي استطاعت البقاء على خط الحياد في الأزمة، احتضنت قبل أسابيع اجتماعًا لوزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي، حضره وزير الداخلية القطري، ومن الممكن أن تلعب دورًا لتقريب وجهات النظر.
لكن الوساطة العمانية تبقى محلّ شك، فهناك اعتقاد عماني أن الخلاف الخليجي وصل مراحل كثيرة من السوء، لدرجة أنه "غير مؤهل للانتهاء" حسبما صرّح به يوسف بن علوي، الوزير العماني المسئول عن الشئون الخارجية قبل أشهر، لكن، ومقابل "التشاؤم" العماني، ظهر أكثر من مرة تفاؤل كويتي في تصريحات الأمير الشيخ صباح الأحمد، خاصة أن أطراف الأزمة وثقت دومًا في وساطته، وقد صرّح مؤخرًا، أن هذا الخلاف لم يعد مقبولًا.
ويتحدث فايز النشوان عنأن الكويت استطاعت أن تليّن المواقف الصلبة، وأن هناك مؤشرات جد إيجابية لخلق فرص جديدة لبناء الثقة، ومن ذلكرسائل قطرية بأن الدوحة على استعداد لأن تنهي بعض المشكلات التي تشكو منها الرياض، وفق معطيات استقاها من قربه من جهات ذات صلة بملف الوساطة حسب قوله.
مؤشرات إيجابية
تظهر فعلًا بعض تباشير إنهاء الخلاف على أرض الواقع، فقد انشغل جزء من الإعلام العربي بتغريدة من الأكاديمي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، الذي عمل سابقًا مستشارًا لمحمد بن زايد، إذ كتب أن هناك تطوّرات مهمة ستحدث قريبا لإنهاء الخلاف الخليجي.
ويوجد كذلك المشروع النفطي القطري في مصر، حيث نجحت "قطر للبترول" في تشغيل مشروع مصفاة لتكرير النفط، في أكبر استثمار لهذه الشركة السيادية في دولة عربية. ورغم أن المشروع وُقع في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، إلّا أن تشغيله لم يكن ليأتي لولا ضوء أخضر من الحكومة المصرية التي تعدّ طرفًا رئيسيًا في حملة مقاطعة قطر.
وهناك مؤشر آخر، فقطر كانت حاضرة في اجتماع استثنائي عُقد في الرياض بداية شهر أكتوبر، وأكدت إدانتها في الاجتماع لـ"الهجمات والتهديدات المتزايدة مؤخرًا على المنشآت النفطية وسلامة وأمن الملاحة البحرية"، في ردِمباشر على الحوثيين وإيران.
كما أن وزارة الخارجية السعودية، ومنذ إعفاء عادل الجبير من منصبه، وتعيين إبراهيم العساف محله، ثم فيصل بن فرحان آل سعود، لم تعد تصدر تعليقات هجومية على قطر، عكس فترة عادل الجبير الذي لم يكن يفوّت أي فرصة، سواء في حواراته مع وسائل الإعلام أو تغريداته على تويتر، لانتقاد الدوحة.
وما يؤكد وجود توجه سعودي نحو التهدئة، أن مسؤولًا سعوديًا رفيعًا تحدث لشبكة بلومبيرغ عن أن الدوحة اتخذت "خطوات لخفض التوتر مع جيرانها، ومن ذلك سنها لقانون ضد تمويل الإرهاب"، رغم أنه لا يزال ينتظرها المزيد من العمل، حسب المسئول السعودي.
عراقيل مستمرة
بيد أن جذور الخلاف لا تزال تنشط الأزمة، فقطر طالما رأت في بعض مطالب الدول الأخرى نوعًا من التعجيز، ومن ذلك إغلاق شبكة الجزيرة، وجلاء القوات التركية عن القواعد القطرية، والقطع الكامل مع جماعة الإخوان. وبعيدًا عن اتهامات دعم الإرهاب التي تنفيها الدوحة، فهذه الأخيرة طالما اعتبرت المطالب تدخلًا في سيادتها، ومحاولة لإدخالها في جلباب السعودية، إذ لا ترغب قطر بالتنازل عن سياستها الخارجية التي جعلتها تختلف عن بقية دول المنطقة.
لذلك، يرى فايز النشوان أن "بارقة الأمل لن تصل حدّ حلّ الخلاف بشكل كامل، بل فقط تفكيك الأزمة". ويوّضح أنه من الصعب على قطر أن تقطع مع الإخوان المسلمين، فالأمر يتعدىّ مجرّد وجود أفراد من الإخوان في قطر، إذ "تتبنى الدوحة سياساتهم، خاصة في تدبيرها للملف المصري ومحاولتها ضرب النظام المصري، في وقت تبقى فيه القاهرة مهمة لدول الخليج".
لكن تبقى الليونة ممكنة في تطبيق المطالب، فهناك إمكانية ظهرت في المشاورات بأن يتم إعادة رسم سياسات قناة الجزيرة بدلًا من إغلاقها، يقول النشوان، وأن يتم كذلك إعادة تشكيل العلاقات القطرية - التركية، والهدف إبعاد أيّ ضرر على أمن الخليج، حسب تعبيره.
وفي انتظار تحقيق مؤشرات أخرى، ستشكل التغطية الإخبارية لـ"خليجي 24" امتحانًا حقيقيًا لوجود هذه البوادر. فالكثيرون يتذكرون ما جرى من تغطية لنهائيات كأس آسيا، عندما تجاهل إعلام دول المقاطعة تتويج قطر بالكأس، أو أوّل ذلك للسخرية منها.
كما سيشكّل حضور جماهير دول المقاطعة مؤشرًا آخر لقياس التقارب أو التباعد، إذ يمكن لـ"خليجي 24" أن يخلق انطلاقة جديدة، أو أن يكون ببساطة، حلقة جديدة من خلاف سياسي شغل المنطقة.
ورغم أن اتحادات الكرة في البلدان الثلاثة برّرت قرار المشاركة بـ "تجديد الدعوة التي وجهها إليها الاتحاد الخليجي"، إلّا أن المتتبع للموضوع يدرك أن هناك أسبابًا سياسية بالأساس، تعود إلى الرياض التي تمثل مِحور معسكر المقاطعة؛ إذ يبدو أنها هي التي جعلت الأطراف الثلاثة تعود للمشاركة في البطولة، بعدما كانت القرعة الأوّلية مقصورة على قطر والكويت وعمان والعراق واليمن. فهل تقترب الأزمة الخليجية من نهايتها؟ أم أن حجم الخلاف أعمق ولن تستطيع الكرة إذابة الجليد الذي تراكم فيه على مدار سنوات؟
هل نجحت الوساطة الكويتية؟
لا يعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بالبطولة الخليجية، وبالتالي فلا واجبات كروية تترّتب على أيّ دولة جرّاء عدم المشاركة فيها؛ لذلك فقرار السعودية والإمارات والبحرين هو قرار سياسي بالأساس، حسبما يخلص إليه فايز النشوان، أستاذ العلاقات الدولية في الكويت.
وقد ربطت بعض المواقع بين زيارة نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، للعاصمة العمانية "مسقط"، حيث التقى بالسلطان قابوس، وبين قرار المشاركة في "خليجي 24".
وأتت هذه التكهنات نظرًا لأن عمان، التي استطاعت البقاء على خط الحياد في الأزمة، احتضنت قبل أسابيع اجتماعًا لوزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي، حضره وزير الداخلية القطري، ومن الممكن أن تلعب دورًا لتقريب وجهات النظر.
لكن الوساطة العمانية تبقى محلّ شك، فهناك اعتقاد عماني أن الخلاف الخليجي وصل مراحل كثيرة من السوء، لدرجة أنه "غير مؤهل للانتهاء" حسبما صرّح به يوسف بن علوي، الوزير العماني المسئول عن الشئون الخارجية قبل أشهر، لكن، ومقابل "التشاؤم" العماني، ظهر أكثر من مرة تفاؤل كويتي في تصريحات الأمير الشيخ صباح الأحمد، خاصة أن أطراف الأزمة وثقت دومًا في وساطته، وقد صرّح مؤخرًا، أن هذا الخلاف لم يعد مقبولًا.
ويتحدث فايز النشوان عنأن الكويت استطاعت أن تليّن المواقف الصلبة، وأن هناك مؤشرات جد إيجابية لخلق فرص جديدة لبناء الثقة، ومن ذلكرسائل قطرية بأن الدوحة على استعداد لأن تنهي بعض المشكلات التي تشكو منها الرياض، وفق معطيات استقاها من قربه من جهات ذات صلة بملف الوساطة حسب قوله.
مؤشرات إيجابية
تظهر فعلًا بعض تباشير إنهاء الخلاف على أرض الواقع، فقد انشغل جزء من الإعلام العربي بتغريدة من الأكاديمي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، الذي عمل سابقًا مستشارًا لمحمد بن زايد، إذ كتب أن هناك تطوّرات مهمة ستحدث قريبا لإنهاء الخلاف الخليجي.
ويوجد كذلك المشروع النفطي القطري في مصر، حيث نجحت "قطر للبترول" في تشغيل مشروع مصفاة لتكرير النفط، في أكبر استثمار لهذه الشركة السيادية في دولة عربية. ورغم أن المشروع وُقع في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، إلّا أن تشغيله لم يكن ليأتي لولا ضوء أخضر من الحكومة المصرية التي تعدّ طرفًا رئيسيًا في حملة مقاطعة قطر.
وهناك مؤشر آخر، فقطر كانت حاضرة في اجتماع استثنائي عُقد في الرياض بداية شهر أكتوبر، وأكدت إدانتها في الاجتماع لـ"الهجمات والتهديدات المتزايدة مؤخرًا على المنشآت النفطية وسلامة وأمن الملاحة البحرية"، في ردِمباشر على الحوثيين وإيران.
كما أن وزارة الخارجية السعودية، ومنذ إعفاء عادل الجبير من منصبه، وتعيين إبراهيم العساف محله، ثم فيصل بن فرحان آل سعود، لم تعد تصدر تعليقات هجومية على قطر، عكس فترة عادل الجبير الذي لم يكن يفوّت أي فرصة، سواء في حواراته مع وسائل الإعلام أو تغريداته على تويتر، لانتقاد الدوحة.
وما يؤكد وجود توجه سعودي نحو التهدئة، أن مسؤولًا سعوديًا رفيعًا تحدث لشبكة بلومبيرغ عن أن الدوحة اتخذت "خطوات لخفض التوتر مع جيرانها، ومن ذلك سنها لقانون ضد تمويل الإرهاب"، رغم أنه لا يزال ينتظرها المزيد من العمل، حسب المسئول السعودي.
عراقيل مستمرة
بيد أن جذور الخلاف لا تزال تنشط الأزمة، فقطر طالما رأت في بعض مطالب الدول الأخرى نوعًا من التعجيز، ومن ذلك إغلاق شبكة الجزيرة، وجلاء القوات التركية عن القواعد القطرية، والقطع الكامل مع جماعة الإخوان. وبعيدًا عن اتهامات دعم الإرهاب التي تنفيها الدوحة، فهذه الأخيرة طالما اعتبرت المطالب تدخلًا في سيادتها، ومحاولة لإدخالها في جلباب السعودية، إذ لا ترغب قطر بالتنازل عن سياستها الخارجية التي جعلتها تختلف عن بقية دول المنطقة.
لذلك، يرى فايز النشوان أن "بارقة الأمل لن تصل حدّ حلّ الخلاف بشكل كامل، بل فقط تفكيك الأزمة". ويوّضح أنه من الصعب على قطر أن تقطع مع الإخوان المسلمين، فالأمر يتعدىّ مجرّد وجود أفراد من الإخوان في قطر، إذ "تتبنى الدوحة سياساتهم، خاصة في تدبيرها للملف المصري ومحاولتها ضرب النظام المصري، في وقت تبقى فيه القاهرة مهمة لدول الخليج".
لكن تبقى الليونة ممكنة في تطبيق المطالب، فهناك إمكانية ظهرت في المشاورات بأن يتم إعادة رسم سياسات قناة الجزيرة بدلًا من إغلاقها، يقول النشوان، وأن يتم كذلك إعادة تشكيل العلاقات القطرية - التركية، والهدف إبعاد أيّ ضرر على أمن الخليج، حسب تعبيره.
وفي انتظار تحقيق مؤشرات أخرى، ستشكل التغطية الإخبارية لـ"خليجي 24" امتحانًا حقيقيًا لوجود هذه البوادر. فالكثيرون يتذكرون ما جرى من تغطية لنهائيات كأس آسيا، عندما تجاهل إعلام دول المقاطعة تتويج قطر بالكأس، أو أوّل ذلك للسخرية منها.
كما سيشكّل حضور جماهير دول المقاطعة مؤشرًا آخر لقياس التقارب أو التباعد، إذ يمكن لـ"خليجي 24" أن يخلق انطلاقة جديدة، أو أن يكون ببساطة، حلقة جديدة من خلاف سياسي شغل المنطقة.