من يهاجر في لبنان؟!
لم يكن أمام الرئيس اللبناني، بعد أن أثارت تصريحاته غضبًا واسعًا أعاد الزخم للحراك الشعبي في لبنان، سوى ما يفعله الكثير من المسئولين، وهو التنصل من هذه التصريحات، والقول إنها حُرفت، وتقديم تفسير مختلف لها عما شاع فهمه شعبيا. فقد نفى الرئيس "عون" في بيان رئاسى أنه قال للبنانيين: "من لا يعجبه ما يقوم به الحكم في لبنان يهاجر إلى خارج لبنان"..
وإنما قال: "إذا كان المشاركون في الحراك اللبناني لا يستطيعون تقديم ممثلين لهم للحوار مع الحكم، فليهاجروا من البلد لأنهم لن يستطيعوا الوصول إلى السلطة"!
لكن كالعادة أيضا لم ينفع ذلك في احتواء غضب اللبنانيين، ولم يهدِّئ من الحراك اللبنانى.. بل زادت المظاهرات وعمليات قطع الطرق، وانطلق كثيرون في لبنان يطالبون الرئيس اللبنانى شخصيًّا بأن يرحل ويذهب ويهاجر.. لأن الروح التي غلبت على تصريحات الرئيس اللبنانى كانت تتسم بالتحدي للحراك اللبنانى والمشاركين فيه، ومثيرة لاستفزاز الكثير من اللبنانيين، الذين صاروا بعد استقالة "الحريرى" وحكومته أنفسهم في صدام مباشر مع الرئيس..
خاصة أن الرئيس بدا وكأنه يعطي الأوامر للمتظاهرين والمحتجين بوقف الاحتجاجات والقبول بما يُفرض عليهم من قِبله، هو وحلفائه، "بري" و"نصرالله"، مثل تشكيل حكومة مختلطة من السياسيين والتكنوقراط، والإصرار على فرض قريبه "باسيل" في الحكومة الجديدة، فضلا عن تهكمه عليهم، والتقليل من شأنهم، وتوجيه الاتهامات لهم التي تمس وطنيتهم.
وهكذا بدلا من أن يحتوى الرئيس اللبنانى الغضب اللبنانى الشعبى، فإنها أشعلها، ووضع نفسه في مواجهة مع الشعب اللبناني بشكل صريح، والأغلب أنه سوف يدفع ثمن ذلك، إن لم يكن عاجلًا فسوف يكون آجلًا.