وخاب رهانهم.. ولقنهم الشعب درسًا لن ينسوه!
لم تكن مصر وحدها من تجشمت أعباء الإصلاح بل سبقتها إليه دول عديدة، خرجها بعضها من عنق الزجاجة وتعثرت أخرى رغم أن الإجراءات واحدة في الحالين، سواء تمت بضغوط من صندوق النقد أم جاءت بإرادة وطنية صادقة ومستقلة مثلما فعلت مصر التي أخذت زمام المبادرة لإصلاح اقتصادها، رافضة اللجوء لمسكنات تتعامل مع أعراض المرض لكنها تفشل في علاج الآفة ذاتها..
وهي مسكنات طالما أضعفت مناعة اقتصادنا وجعلته عرضة للأمراض، وحرمته من فرص التعافي والنهوض بكلفة أقل ودون مشقة، بل لعلها أطالت أمد العلة وكرست للتدهور والانهيار اللذين لم يقبل بهما الرئيس "السيسي"، الذي لم يعبأ برأي بعض مساعديه حين نصحوه بتأجيل تلك القرارات؛ تفاديًا لتأثيرها سلبًا على رصيده الشعبي..
لكنه آثر مصلحة الوطن راضيًا بالتحديات التي نجونا من تداعياتها بفضل إرادة وصمود شعبنا، الذي تحملت جميع فئاته الأعباء برضا وصبر رغم ما أثارته منابر جماعة الإخوان من دعوات الإحباط والتهييج والتشويه؛ سعيًا لإثارة الجماهير وإحداث الوقيعة بينها وبين الحكم، وخلق حالة رفض شعبي لهذه القرارات..
لكن هيهات هيهات لما سعوا إليه، فقد لقن شعبنا هؤلاء الكاذبين درسًا بليغًا في الوطنية والوعي وحب الوطن ومساندة الدولة في ساعة الشدة، متحملًا ما لا يطيقه بشر، مؤمنًا بأن القادم أفضل، وأن دواء الإصلاح الاقتصادي مهما يكن مرًا فلا مفر من تجرعه، وصولًا للشفاء والتعافي.
ولعل المواطن يتساءل: هل انتهت إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي؟
والجواب أن تلك الإجراءات تنتهي فعليًا في نوفمبر الجاري، حيث بدأت رحلة القرض وقيمته 12 مليار دولار في نوفمبر 2016. لكن هناك ملفات ما زال إصلاحها مطلوبًا، مثل التعليم والصحة واستكمال الإصلاح الهيكلي لقطاع السياحة، وهي ملفات ممتدة أو مفتوحة لا تنقضى إجراءاتها بين يوم وليلة..
أما قطاع الصناعة فهو رافعة الاقتصاد وباب الأمل نحو رفع معدلات النمو إلى أكثر من 8% خلال سنوات قليلة، ومضاعفة الصادرات المصرية ومضاعفة القيمة المضافة للإنتاج الزراعي والتعديني في مصر، والذي تملك مصر فرصًا واعدة لتطويره والإفادة من مكوناته محليًا، بدلًا من تصديرها كمواد خام قليلة العائد، كثيرة التكلفة.
مصر قادرة إن شاء الله على استعادة عرش صناعة الغزل والنسيج والصناعات الغذائية والإنتاج السمكي الذي حبانا الله بكثير من مصايده الطبيعية والصناعية.. أضف إلى ذلك ما تملكه بلادنا من مزايا نسبية وموقع جغرافي يمنح منتجاتنا قدرات تنافسية تمكنها من النفاذ للأسواق العالمية في شتى قارات الدنيا.
لدينا أيضًا طاقات بشرية هائلة لم تستغل بعد على النحو الأمثل وتملك الدولة حتمًا خريطة أو إستراتيجية واضحة لبناء الإنسان وتفجير طاقاته الكامنة.. وهو محور مهم تتبناه الحكومة خلال الفترة المقبلة لتأهيل العامل والحرفي والخريج المقبل على الالتحاق بسوق العمل علميًا، وإكسابهم مهارات حقيقية تتطلبها تلك السوق دائمة التطور والتحديث..
وكل ذلك يضيف بناءً إلى بناء لتتحقق نتائج إيجابية للإصلاح الاقتصادي الذي أصبح محل إشادة من المؤسسات الدولية وبنوك الاستثمار ومجتمع المال العالمي.