الحيادية والرئيس
زار السيد الرئيس أكاديمية الشرطة أثناء عقد ما يسمى بكشف الهيئة للطلاب الجدد، وأهم ما جاء في كلمة الرئيس في هذا اللقاء مطالبته لمسئولي الأكاديمية بالشفافية التامة في الاختيار، وتطبيق معايير واحدة على الجميع، مثلما يحدث في الكليات الحربية والجوية وغيرها من الكليات العسكرية، ومطالبة الرئيس بهذه الشفافية تتعدى مرحلة الاختيار إلى الأداء، فالطالب الذي يشعر بالعدالة في الاختيار سيفرض عليه ذلك عدالة تطبيق القانون فهل هذا يحدث على أرض الواقع؟
لا نشكك في أحد غير أن الواقع الذي تفرضه حالات تطبيق القانون تقول غير ذلك، وأبسطها ما تناولناه في هذه المساحة، وسنتناوله ما حيينا، حول قضية تنفيذ الأحكام القضائية التي تخضع للخيار والفاقوس، ولعل النموذج الصارخ لما يتعرض له عدد غير يسير من الأفراد والشركات والمؤسسات من إفلاس وخراب بيوت بسبب الدكتور "السيد البدوى شحاتة"، المطرود من حزب الوفد، هو النموذج المروع لحالات المجاملة الممقوتة.
المذكور صدرت ضده أحكام قضائية نهائية، وهو شخصية معروفة ومعلوم مكان إقامته، بل ويتردد على المناسبات العامة، ويعيش حياته طليقا دون أن تتذكره دفاتر تنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية، ودون أن يطرق بابه أحد، ودون أن يطالبه أحد بسداد ما عليه حقا للناس والشركات والمؤسسات، يعيش "البدوى" ومن حوله أتباع يرددون أنه دولة وحده، ولا يمكن لأجهزة الأمن أن تقبض عليه، أو حتى تحاول فعل ذلك من باب الشفافية والحيادية التي يطالب بها الرئيس.
الرئيس في مناسبة سابقة وصف المجاملة -مجرد المجاملة– بالفساد، فما بالنا بغض الطرف عن تنفيذ حكم قضائي بات يخص إحدى شركات الإنتاج الفنى، التي قدمت للوطن أعمالا جليلة، ويعيش أصحابها الآن مهددين بالإفلاس، ومن ورائهم جيش جرار من الموظفين والعاملين، بسبب ديون "البدوى" التي يرفض دفعها، وترفض وزارة الداخلية تنفيذ أحكام القضاء.. كيف يثق الناس في الدولة وناهب حقوق الناس يعيش حياة مترفة بينما أصحاب الحقوق مهددون بالسجن؟!
المثير أن "البدوى" الذي تغض وزارة الداخلية الطرف عنه، كان واحدا من المقربين من الإخوان، بل إنه دافع عن اختياره الحوار معهم، بأنه سيخوض انتخابات الرئاسة، ولابد أن يعقد معهم صفقة للحصول على أصواتهم.. والأكثر إثارة أن حزب الوفد نفسه عندما اطلع على الأحكام الصادرة ضده من القضاء المصري، اتخذ كافة التدابير القانونية لفصله احتراما للقانون، وحماية لتاريخ الوفد، وهو ما لم تتخذه وزارة الداخلية المنوط بها تنفيذ القانون.
والمدهش في ملف "البدوى" أنه لا يستطيع أحد أن يجزم بالجهة التي تدعمه ضد القانون وضد القضاء وضد العدالة، لا يعرف أي منا ما مناطق القوة والحماية التي تقف حجر عثرة في طريق القانون، واعترف أن كثيرين من أصدقائى وزملائى حسموا المسألة منذ كتابة أول مقال، بأن "البدوي" يحظى بحماية غريبة، وأنه يتنقل بحرية تامة، بل تمادى البعض بأنه يحظى بحماية أمنية، وهو القول الذي أرفضه وسأرفضه ما بقي في القلم حبر!