نصف مليار جنيه شهريا.. حصيلة المال الحرام في الدولة.. مباحث الأموال العامة تصطاد المرتشين والمتربحين.. وزارة المالية مصير الأموال منهوبة.. والكسب غير المشروع أخطر الجرائم في حق المصريين
نشطت في الآونة الأخيرة مباحث الأموال العامة، وحققت ضربات أمنية قوية استطاعت من خلالها إنعاش خزانة الدولة بمبالغ ضخمة من الأموال، هي حصيلة قضايا اعتداء على المال العام أو جرائم رشوة أو استغلال نفوذ أو استيلاء على ممتلكات الدولة أو غسيل أموال، وغيرها من الجرائم.. ترى كيف تعمل مباحث الأموال العامة.. وما هي الأقسام الموجودة بها.. وأين تذهب الأموال التي تضبطها في القضايا المالية.. إجابات هذه التساؤلات في السطور التالية.
تغييرات
في البداية أكد مصدر مطلع أن مباحث الأموال العامة في تطور مستمر، لمواجهة التغيرات غير النمطية في الجريمة وحرص اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، على تدعيم الإدارة بكافة الوسائل الحديثة بإدخال أجهزة متطورة، لمواكبة الجريمة وخاصة الإلكترونية، موضحا أنه يتم تدريب الضباط والعاملين بالإدارة عليها، وإيفاد مأموريات بالخارج عن طريق قسم البحوث الفنية للاطلاع على أحدث الأجهزة بالخارج، فضلا عن التنسيق مع الأجهزة المختصة لإطلاعها على أحدث وسائل التزوير والتزييف ومنها إدارة التزييف والتزوير بوزارة العدل، بخلاف التعاون مع هيئة الرقابة الإدارية والبنك المركزى والبنوك وقطاعات الوزارة المختلفة لإحكام السيطرة وملاحقة مرتكبي جرائم الأموال العامة.
قرارات الإصلاح الاقتصادي
وأوضح المصدر مع قرارات الإصلاح الاقتصادي، حدثت تحركات واسعة من الجماعات المناوئة وشركات الصرافة وتجار العملة على استغلال الأوضاع في إحداث حالة من إفراغ السوق المصرفى من العملات الصعبة ونجحت الإدارة في التصدى للعديد من المحاولات وضبط القائمين عليها بالاشتراك مع وكيل البنك المركزي لشئون المتابعة الميدانية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مما ساهم في إعادة ضبط السوق المصرفى وخفض سعر الدولار مؤكدا الفترة المقبلة يشهد انخفاضا جديدا.
وأضاف المصدر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعطى الضوء الأخضر لمواجهة الرشوة واستغلال النفوذ وضبط المتورط فيها أيا كان منصبه وتقديم الأدلة والمستندات الدامغة إلى نيابة الأموال العامة العليا وبدورها تصدر القرارات ونقوم بتنفيذها بمخاطبة الجهات المختصة لتنفيذ والتحفظ على الأموال، وعلى سبيل المثال رموز نظامي الرئيس الأسبق حسنى مبارك والمعزول محمد مرسي.
وأضاف المصدر أن الإدارة تضبط قضايا بقرابة نصف مليار جنيه شهريًا آخرها شهر أكتوبر المنقضي، ضبط 67 قضية متنوعة شملت (بطاقات ائتمان واحتيال مصرفى واختلاس مال عام واستيلاء على المال العام وغسيل أموال وكسب غير مشروع واتجار في النقد الأجنبى وتحويلات مالية غير مشروعة وتوظيف أموال ومضاربة على أسعار العملات "فوركس") بإجمالى مبالغ نحو 420 مليون جنيه و3 ملايين و152 ألف عملة أجنبية.
مصير الأموال
وأشار المصدر إلى أن الأموال المتحفظ عليها في قضايا الرشوة واستغلال النفوذ والاستيلاء على المال، تتم مصادرتها فور ضبطها والتحفظ عليها بمعرفة مباحث الأموال العامة، لحين انتهاء التحقيقات حيث تكون حرز القضية لإثبات الاتهامات ثم تقوم وزارة العدل بإرسال هذه الأموال إلى وزارة المالية التي تدخلها ضمن موازنة الدولة ويحق للدولة استخدامها في أي شيء للصالح العام طالما صدر حكم ضد المتهم.
وأوضح في حال كانت الأموال من متحصلات جرائم النصب والاحتيال يتم التحفظ عليها تحت تصرف النيابة العامة التي تصدر القرار في القضية، وإذا تواجد ضحايا يتم رفع قضايا والحصول على أحكام ضد المتهم والحصول على أموالهم.. أما القضايا التي تتضمن ضبط مبالغ مالية مثل قضايا توظيف الأموال، والاتجار بالنقد الأجنبى، فتجرى مصادرتها لصالح البنك المركزى، أو نيابة الشئون المالية والتجارية، حسب الحكم القضائى للمحكمة، بعد انتهائها من نظر القضية.
الجرائم المالية
وفى سياق متصل قال اللواء نجاح فوزى مساعد وزير الداخلية الأسبق لمباحث الأموال العامة، إن الإدارة العامة للأموال العامة تكافح كل الجرائم المالية وجرائم الاستيلاء على المال العام من خلال عدة إدارات هي: إدارة مكافحة جرائم النقد والتهريب وهى المعنية بمتابعة أسواق المال والجرائم المرتبطة بسعر الصرف.
وإدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام وهى مختصة بكافة الجرائم المرتبطة بالوظيفة العامة والعدوان على المال العام، وإدارة مكافحة جرائم الرشوة وهى معنية بمكافحة جرائم الرشوة مثل طلب رشوة أو عرض رشوة واستغلال نفوذ حقيقي أو استغلال نفوذ مزعوم، وإدارة مكافحة جرائم الكسب غير المشروع وتعمل بالتنسيق مع جهاز الكسب غير المشروع في وزارة العدل وإدارة مكافحة جرائم غسيل الأموال وهى جرائم تكون مرتبطة عادة بالمصارف والبنوك.
وأضاف مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن الأموال العامة تعمل بشكل أساسي على ما يقدم إليها من بلاغات أو ما يرد لها من معلومات، مثل بلاغ يأتى إليها يتم التحقيق فيها ويكون البلاغ جادا وينطوي على واقعة تستوجب اتخاذ إجراء جنائي والقبض على متهمين والتحقيق معهم ثم إحالتهم للنيابة المختصة.
وتابع الخبير الأمني أن الأموال التي يتم ضبطها في القضايا يتم التحفظ عليها من قبل النيابة المختصة حتى يصدر حكم قضائى بها، وعادة فإن جميع الأموال المضبوطة من قبل مباحث الأموال العامة يصدر أحكام بمصادرتها وإيداعها في خزانة الدولة.
وتابع مساعد وزير الداخلية، يتم إنعاش خزينة الدولة بأموال دون صدور أحكام قضائية، مثل أراضى ملك الدولة مستولى عليها بمساحات كبيرة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية للمستولى عليها واسترداد الأراضي التي تقدر بمبالغ مالية كبيرة، وأحيانا جانب كبير من الجرائم مثل الاختلاس أو الاستيلاء والجرائم الخاصة بأسواق المال يتم التصالح فيها طالما تم رد المبالغ المستولى عليها وإسقاط الدعوى الجنائية، والمشرع سمح بالتصالح في مثل هذه القضايا كى يسهل عملية استرداد الأموال المستولى عليها، وهو الأفضل لأن التصالح مع المتهم أفضل من حبسه دون الحصول على المال العام.
الكسب غير المشروع
على جانب آخر قال عصام أبو العلا المحامى بالنقض، إن جرائم الأموال العامة تعتبر من أخطر الجرائم التي يحاول المجتمع دائما أن يكافحها بالقوانين التي تتناسب وتلك الخطورة ومن هذه الجرائم جرائم الكسب غير المشروع وهي التي لا تصدر فقط من الموظف العام بل تمتد إلى كل من له صفة نيابية ونظرا لما يراه المشرع من وجوب أن يضيف إلى المخاطبين بأحكام هذا القانون كل صاحب صفة تسمح له بالاستيلاء على المال العام لذلك أضاف لها أعضاء النقابات المهنية والعمد والمشايخ وأمناء العهد والمخازن بكافة شركات القطاع العام أو التي تساهم فيها الدولة.
وأضاف الخبير القانونى، أن المشرع حدد العقوبات على هذه الجرائم وجعل عقوبتها السجن ولكنه أطلق لمحكمة الموضوع الحرية التامة في سبيل تقدير مدة العقوبة التي قد تكون في حدها الأدنى ثلاث سنوات وقد تصل المحكمة بها إلى خمسة عشر عاما، وتلك المدة تحددها المحكمة طبقا لاعتبارات عديدة منها صفة المحكوم عليه وأعتقد أنه كلما كانت صفته أرفع بمعنى أن يكون ذا صفة كبيرة فإن المحكمة تتشدد معه حتى يكون عبرة لمن هم أدنى صفة منه، وأضاف أنه نظرا لانتشار هذه الجرائم وتعدد الوسائل والطرق الحديثة التي تستخدم وتكون عاملا جديدا في كيفية ارتكاب هذه الجرائم فإن كافة القوانين المتعلقة بالمال العام يجب مراجعتها وتحديثها بما يتفق مع التطور التكنولوجيا السريع الذي تمر به كل المجتمعات.
نقلًا عن العدد الورقي...،