رئيس التحرير
عصام كامل

اتقوا الله وارحمونا!


على غرار ما فعلت إحدى عضوات مجلس النواب التي تقدمت بمشروع قانون لمحاسبة وتغريم من يرتدون ملابس غير محتشمة في الأماكن العامة، خرج علينا البعض من خارج المجلس هذه المرة يتحدث عن ضرورة تجديد الفقه الدينى، حتى يكون هناك رأى للشرع في مسائل مثل معاشرة إنسان آلى!


وكأن قضيتنا الملحة الآن معاشرة الإنسان الآلى، أو ارتداء البعض ملابس غير محتشمة في الأماكن العامة!.. إن هؤلاء لا يختلفون عن بعض رجال الدين الذين لا يفعلون شيئا غير الإساءة للدين، بالحديث عن الأمور التافهة مثل دخول الحمام وطريقة تبول الرجال ومعاشرة الحيوانات!

ويحدث ذلك في وقت نعانى فيه من مشكلة خطيرة يتعين أن تنال كل اهتمامنا بدلا من هذا العبث، وهى مشكلة الفهم الخاطئ لتعاليم الدين الذي يستخدمه البعض لنشر التعصب والتطرف والكراهية في المجتمع، الذي يخلق لنا وحوشا آدمية تنطلق بيننا تقتل وتدمر وتخرب وتفجر.

إن هؤلاء يرتكبون جريمة كبيرة وخطيرة في حق المجتمع تتجاوز الإساءة للدين.. فهم بذلك يسهمون في نشر التطرّف الدينى بصرف انتباهنا عن خطره، وبالتالى السكوت عليه وعدم الاهتمام بمواجهته، بالحديث عن قضايا أخرى لا تعد لنا في مجتمعنا من المشكلات الملحة الآن وفى المستقبل المنظور، وهؤلاء الذين يقدمون أنفسهم على أنهم من الحداثيين والمواكبين للتطور والتقدم التكنولوجى في العالم، يتصرفون كما يتصرف شيوخ التطرف ومشايخ العبث الدينى الذي أساءوا للدين كثيرا، وكانوا سببا أيضا في اتجاه بعض الشباب للإلحاد والمجاهرة به.

ولهم ولمن يقلدهم نقول: "اتقوا الله وكفاكم عبثا.. ارحمونا من عبثكم هذا".. إن مشكلتنا الدينية الأساسية واضحة لا ريب فيها وهى مشكلة التطرّف الدينى، الذي نكبنا بالإرهاب الذي نحاربه الآن، ويسقط لنا خلال هذه الحرب الشهداء.. وهذا هو الذي يحتاج تصحيحا وليس مجرد تجديد للفقه والخطاب الدينى.
الجريدة الرسمية