رئيس التحرير
عصام كامل

"التأميم" ولميس جابر!


أنت لسه بتتكلم عن تأميم قناة السويس وأهميتها ونتائجها؟!.. لا والله أنا فقط أرد على الدكتورة "لميس جابر".. هي التي لم تزل تفتح الموضوع كل حين، ومعها الدكتور "وسيم السيسي" وكلاهما يتفق مع رأي الإخوان في الموضوع!


طيب وإيه قيمة هذا الكلام الآن وقد عادت القناة بالفعل، وعملت وبإدارة مصرية، وكبرت وتوسعت حتى حفرنا القناة الثانية؟ وما قيمة ذلك الكلام وقد بنينا منذ نصف قرن السد العالي فعلا، الذي كان من أجله التأميم ومن أجل التأميم كانت حرب 56؟! وما قيمة ذلك الآن والعالم كله أرخ لانهيار بريطانيا وفرنسا من تاريخ هزيمتهما في بورسعيد؟ وما قيمة هذا الكلام الآن بعد 63 على حدوثه؟!

تحتاجون كام سنة في مصر لحسم القضايا التاريخية؟! هذا لا يحدث في أي مكان بالعالم!

بالطبع كنت خجلا من رأي صديقي رغم أنني لا ذنب لي فيه، وهو يعلم أنني لست أنا من ينتقد تأميم القناة بل نحن من ندافع عنه.. ولا ندافع عنه دفاعا عن قرار وطني تاريخي لزعيم كبير، وإنما دفاعا عن تاريخ بلادي الحقيقي، ودفاعا عن قيمة الإرادة السياسية وقيمة الكرامة الوطنية، وأخيرا دفاعا عن دماء الشهداء والأبطال الطاهرة التي اختلطت بتراب بورسعيد!

وهذه الأخيرة وحدها تستحق الكثير!

إلا أن المدهش المثير في عدوان هؤلاء على تاريخ مصر وتزييفه أمام الأجيال الجديدة بدلا من تعليمهم الكبرياء الوطني، أن البريطانيين أنفسهم يرون العكس تماما! فمثلا "إيمري هيوز" عضو مجلس العموم البريطاني قال إن هزيمة بلاده في حرب السويس حملت الخزانة البريطانية عبئا ثقيلا، وشن هجوما كاسحا على وزير المالية وقت الحرب"هارولد ماكميلان"!

هذا كلام الكثيرين في بريطانيا وفرنسا وقت الحرب وبعدها بقليل، إلا أن التسعينيات شهدت صدور اعتراف بريطاني مذهل.. من من؟ من وزير الدولة البريطاني للشئون الخارجية وقت الحرب! وقت الحرب؟ نعم.. وهل كان الرجل على قيد الحياة؟ نعم كان "انتوني ناتنج" الذي ادار السياسة البريطانية أثناء العدوان حيا، فقد تولى الوزارة شابا ثم أصدر كتاب بعنوان "ناصر" أثار ضجة كبرى، وما يعنينا هنا من الكتاب هو تجديد الاعتراف بهزيمة بلاده في 56 وتراجعها إلى دولة من الدرجة الثانية!

هذا كلام كان في التسعينيات إلا أنه ربما جرت في الأمور أمور، واكتشفت أسرار أخرى تؤكد أن قرار التأميم كان خاطئ؟! لا.. بل حدث العكس إذ بمسلسل تليفزيوني يعرض الآن عن بريطانيا اسمه "the crown"، ويكرر الاعتراف نفسه من هزيمة بلادهم وانهيارها وتراجعها في حرب 56!

بالطبع سيطل أحدهم ويقول يعني احنا هزمنا بريطانيا وفرنسا؟ ولأنه متأثر بكم الشماتة في بلاده طوال السنوات السابقة ولم يستطع التخلص منها، فنقول إن الانتصار العسكري على ثلاث دول منها دولتان عظميان كان مستحيلا في بلد خرج من الاحتلال قبل سنوات، وإنما الانتصار كان الصمود وعدم الانكسار، والتحدي، ثم تحقيق كل الأحلام التي دخلنا الحرب بسببها وعودة الطرف الآخر دون تحقيق إلا الخزي!

وليس أجمل من أن نختم به إلا ما جاء على صفحة "المجموعة 73 مؤرخين عسكريين" والعبارة التالية بعد الحديث عن بطولة المصريين: (لا يكفى هذا الشرف الاعتراف بقيمة بورسعيد الوطنية؟ ويبقى سؤال هام لا بد من الإجابة عليه بشجاعة نفسية وصراحة بينة؟ هل هدرنا بميراثنا التحريرى الوطنى؟ والجواب نعم.. والسبب أننا لم نتعلم حتى الآن، ويبدو أننا لن نتعلم تسويق هذا الكفاح الشعبى، وما أدته بورسعيد ليس فقط لمصر ولكن للبلدان العربية وأفريقيا).
والسؤال الآن: من السبب في ذلك؟! ومن المسئول عن تحويل أمجاد شعبنا إلى هزائم في نظر أجيال كاملة! من؟!
الجريدة الرسمية