القصة الكاملة لهيكلة وزارات مصر.. شركة أمريكية تقدم تصورا مبدئيا يوصي بتقليص عددها إلى 16 وزارة.. تشكيل لجان من التخطيط والمالية لإعداد موازنات الوزارات للعام المالي المقبل وفقا للمعايير الجديدة
"لا تترك أحدا خلف الركب".. سياسة جديدة اتبعها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء للنهوض بوزارات الحكومة ورفع كفاءاتها وهيكلتها ماليا وإداريا، وتعتمد هذه السياسة على دفع الجميع إلى الأمام، لا سيما في وقت تحقق فيه بعض الوزارات أرباحا والبعض الآخر يرجع إلى الوراء، وبناء على أوامر رئاسية تلقتها حكومة الدكتور مصطفى مدبولي من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدأ مجلس الوزراء عقد سلسلة من الاجتماعات مع عدد من الوزراء، أبرزهم الصحة والتعليم بشأن هيكلة موازنة هذه الوزارات، تمهيدا لتوفير فائض يتم توجيهه إلى وزارتي الصحة والتعليم.
الهيكلة
ملف الهيكلة يتولاه الدكتور مدبولي بنفسه ويساعده فيه الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والإصلاح الإداري، ومعها الدكتور محمد معيط وزير المالية، ويتم رفع تقارير متابعة أولًا بأول بشأن تقدم الأعمال للرئيس عبد الفتاح السيسي.
مصادر حكومية رفيعة المستوى قالت إن الهدف من خطة الهيكلة هو تدبير الاحتياجات المالية العاجلة لوزارتي الصحة والتعليم، لا سيما وأنه طلب منهما أن يقدما تقريرا شاملا بالاحتياجات حسب الأولوية، يكون مقرونًا بتوقيتات زمنية محددة حتى يتم التنسيق مع وزارتي التخطيط والمالية، لتوفير التمويل المطلوب، وأضافت المصادر أن الحكومة تولي اهتماما بالغا بملف الإصلاح الإداري، وما يتفرع عنه من موضوعات تتعلق بهيكلة المؤسسات والجهات الحكومية من أجل تمكينها من أداء مهامها بكفاءة، وأشارت المصادر إلى أن الحاجة الماسة إلى هيكلة الوزارات وموازنتها يأتي مع اقتراب موعد الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، وبحيث لا يقتصر النقل على الانتقال المكاني فقط، وإنما يتضمن نقلة نوعية في آليات العمل.
البداية
قصة هيكلة الوزارات بدأت في 12 يونيو الماضي، عندما اجتمع رئيس الوزراء للمرة الأولى مع مسئولي شركة ماكينزي الأمريكية – التي تتولى تقديم الاستشارة للحكومة المصرية في حضور وزيرة التخطيط والدكتور صالح الشيخ رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وغادة لبيب نائب وزير التخطيط، وطلب منها أن تجري دراسات بشأن إعادة هيكلة الوزارات والمصالح الحكومية والحجم الأمثل للوزارات والجهات الإدارية والخدمية، وآليات أداء المهام والوظائف بطريقة أكثر كفاءة وفاعلية.
ولمن لا يعرف فإن شركة ماكينزي العالمية تعمل في مجال إدارة الأعمال، ولها خبرة في هذا المجال منذ أكثر من 90 عاما، ويستعين بها أكثر من 2000 مؤسسة بالقطاعين العام والخاص حول العالم، وأبرم معها الاتفاق المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء السابق في مارس 2016، وبعد ذلك بدأ ممثلو الشركة عقد اجتماعات مكثفة مع الجهات والوزارات المختلفة، من أجل الوقوف على طبيعة المهام التي تؤديها كل وزارة، والهيئات التابعة لها، والوظائف المشتركة بين عدة وزارات، وذلك تمهيدًا لبدء العمل على صياغة خطة متكاملة حول إعادة الهيكلة.
التخطيط
وكانت د. هالة السعيد وزيرة التخطيط ترفع تقارير لرئيس الوزراء بشأن نتائج هذه الاجتماعات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وعقب انتهاء هذه الاجتماعات طالب رئيس الوزراء من الشركة بوضع مقترحها الخاص بهيكلة الوزارات وتم تقديمه مع بدء العمل في مقر الحكومة الصيفي الجديد بمدينة العلمين الجديدة، والذي تم افتتاحه خلال شهر يوليو الماضي.
وتركز الاجتماع الثاني لرئيس الوزراء مع مسئولي شركة ماكينزي على دراسة التصور الذي تقدمت به الشركة، وبالفعل عرض مسئولو ماكينزي أفكارًا تفصيلية حول مقترحات إعادة الهيكلة التي توصلوا إليها، عقب الاجتماعات المكثفة التي عقدوها مع ممثلى الوزارات والجهات الحكومية، وبعد أن اطلعوا بشكل دقيق على طبيعة المهام والوظائف التي تقوم بها كل جهة، وهيكل الجهات التابعة لها.
دراسة المقترحات
وبعد ذلك كلف رئيس الوزراء بتشكيل لجنة مصغرة داخل مجلس الوزراء، لتعكف على دراسة مقترحات شركة ماكينزي، تمهيدًا لعقد اجتماع خلال ١٠ أيام مع مسئولي الشركة، لمراجعة المقترحات، والاتفاق على خطة عمل بشأنها وهو ما تم بالفعل.
تقليل عدد الوزارات
وأكدت مصادر حكومية مسئولة أن المقترحات التي تقدمت بها شركة ماكينزي ستؤدي إلى تقليل عدد وزارات الحكومة على غرار المعمول به في الحكومات العالمية، والتي ربما لا يتجاوز عدد الحقائب فيها 16 حقيبة فقط، ويقضي على البيروقراطية والفساد وتعدد الجهات المسئولة عن إدارة ملف واحد.
وعقب الانتهاء من مقترحات ماكينزي بدأ رئيس الوزراء سلسلة اجتماعات بدأها بالدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم الفني اتفق معه على تشكيل لجنة من المالية والتخطيط لمراجعة الاحتياجات المالية لوزارة التربية والتعليم في النصف الثانى من العام المالى الحالى، وتدقيق الأرقام المطلوبة للانتهاء من تنفيذ مختلف المشروعات الجارى تنفيذها من قبل الوزارة، ومراجعة أسعار طباعة الكتب، وذلك في ضوء انخفاض قيمة الدولار، وانعكاس ذلك على أسعار الورق والأحبار.
وكلف اللجنة أيضًا بإعداد موازنة العام المالى الجديد 2020/2021 لوزارة التربية والتعليم، وتعتمد وزيرة التخطيط على تطبيق خطة البرامج والأداء في موازنات الوزارات ضمن خطة الهيكلة وهي الحل والضمانة الوحيدة لتوفير اعتمادات مالية من الموازنة توجه لقطاعي الصحة والتعليم في إطار توجيهات الرئيس، كما تعتمد الخطة على إعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة وقياس أداء الموظفين، خاصة في ظل ما تتضمنه رؤية مصر 2030 من محور الشفافية وكفاءة المؤسسات، وفي ظل الحاجة الماسة لتطوير منظومة التخطيط والمتابعة وتقييم الأداء، ومن ضمن ذلك الاعتماد على موازنة وخطة البرامج والأداء كأداة لإحداث هذا التطوير.
خطة هالة السعيد تشارك فيها كل الجهات بالدولة، بجانب الجهاز الحكومي، من هيئات اقتصادية أو شركات قطاع أعمال عام أو أجهزة مستقلة ماليًا، فضلًا عن مشاركة الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص، لما لتلك الجهات من دور مهم في تنفيذ خطة الدولة للتنمية المستدامة وبرنامج الحكومة، وأكدت المصادر أن الهدف الأساسي لموازنة وخطة البرامج والأداء يتمثل في تحسين أولويات الإنفاق، في ظل محدودية الموارد، فضلًا عن توجيه المُخصصات المالية إلى البرامج المستهدفة، كما أن خطة البرامج والأداء تُعد بمثابة أداة ضغط لمساعدة الوزارات على تحسين كفاءة وفاعلية الخدمات التي تقدمها.
نقلًا عن العدد الورقي..