رئيس التحرير
عصام كامل

احتشموا!


وكأن السادة الأعضاء الموقرين في برلماننا فرغوا من تناول كل القضايا المهمة والأساسية التي تشغل بال الرأى العام وتؤرق المواطنين، ليتصدوا لمسألة الذوق العام في الأماكن العامة.. وكأنهم أيضا انتهوا من إعداد التشريعات الضرورية ويأتى في مقدمتها قانون الانتخابات المحلية الذي لم ينجزه البرلمان، بينما لم يتبق في عمره سوى بضعة أشهر فقط، لتتقدم أحد أعضاء البرلمان بمشروع قانون يفرض غرامة على من يرتدى ملابس غير محتشمة!


ورغم أن مشروع الست النائبة تضمن تعريفا محددا لمفهوم الذوق العام، وأيضًا الأماكن العامة، فإنها لم يحدد ماهية الزى المحتشم، والزى غير المحتشم.. وبالتالى ترك الأمر لتقدير من هو منوط به تنفيذ تشريع على هذا النحو.. فليس معروفا هل المايوه في الشواطئ زيا محتشما أم لا؟.. وهل الشورت في النوادى وصالات الجيم الرياضية هو أيضا محتشم أم غير محتشم؟!.. وهل بنطلون المرأة في الشارع هو زى محتشم أم لا؟!

يا سيادة النائبة مشكلة الذوق العام في بلادنا ليست في ملابس الناس، وإنما في بعض التصرفات التي تخدش هذا الذوق، مثل إلقاء القمامة والبصق في الشوارع، والتبول في بعض الأماكن العامة، واستخدام السلاح الأبيض من قبل بعض الصبية والشبان، والتحرش بالفتيات والنساء في الأماكن العامة والمواصلات العامة أيضا، وكذلك تبادل الشتائم والألفاظ النابية بصوت عال في الأماكن العامة..

وإذا كنت حريصة على حماية الذوق العام كان يتعين أن تتصدى لكل ذلك الذي يعانى منه مجتمعنا، لا أن تتصدى لمشكلة لا يعانى منها المجتمع.. بل إننا نعانى في إفراط في الاحتشام، بما لم تطالبنا به الأديان، كما يحدث في ظاهرة النقاب! 

وحتى الذوق العام ذاته رغم أنه أمر يستحق الاهتمام، إنما يسبقه بمسافة كبيرة أمور أخرى مثل الاحتكارات التي تعانى منها أسواقنا، ومثل عنف بعض الصبية والشباب، وأيضًا مثل تراجع الرحمة والتسامح في مجتمعنا، والأهم وجود تطرف دينى يخلق لنا وحوشا آدمية تنطلق في بلدنا تقتل وتدمر وتخرب وتفجر.

يا سيادة النائبة نحن نحتاج لاحتشام من نوع آخر غير الاحتشام الذي يتحدث عنه مشروع القانون الذي تقدمتم به إلى البرلمان، والذي يقتصر على الملابس فقط!
الجريدة الرسمية