رئيس التحرير
عصام كامل

الدفع أو الموت !


خير الكمسري "شهيد التذكرة" ورفيقه بين ثلاثة اختيارات.. دفع ثمن التذكرة مع الغرامة المقررة أو تسليمه للشرطة أو النزول من القطار وهو يسير.. وقد اختار الرجل ورفيقه النزول من القطار وهو يسير، رغم مخاطر ذلك لعدم القدرة على دفع قيمة التذكرة، وحتى لا يتعرضا للمساءلة أمام الشرطة التي ستجبرهما على الدفع.


وهكذا كان الخيار المطروح على "شهيد التذكرة" هو إما الدفع وإما احتمال الموت، فاختار الخيار الأخير أملا في أن ينجو من الموت! 

وللأسف هذا الاختيار صار الآن مطروحا على آخرين كثيرين في المجتمع، بعد أن اتجهنا إلى انتهاج سياسات إلزام الناس بدفع ما نعتبره الثمن الحقيقى للسلعة والخدمة، طبقا لحسابات لا تتسم بالكفاءة لتكاليف إنتاج السلع أو تقديم الخدمات، وعدم الحصول على السلعة أو الخدمة إلا بعد دفع الثمن المطلوب.. وأيضًا بعد أن تغيرت منظومة القيم في المجتمع، فاختفت قيم الرحمة والتكافل والتعاون بيننا، وحلت محلها قيم الكراهية والاستعلاء والتعصب.

وبما أن القيم السائدة في أي مجتمع هي قيم الطبقة السائدة، ولأننا لم نعد صياغة الإنسان المصرى مجددا طبقا لمنظومة القيم الإيجابية التي نريدها.. قيم المواطنة والمساواة والتسامح واحترام الآخر وقبول العيش المشترك.. فإن خيار الدفع أو الموت صار يواجهه آخرون غير بعض ركاب القطارات، أشدهم معاناة المرضى الذين يصابون بأمراض خطيرة، ولا يملكون ثمن العلاج ولا تقبلهم المستشفيات قبل الدفع مقدما!

لذلك نحن نحتاج بجانب محاسبة من أودى بحياة "شهيد التذكرة"، وإعادة تأهيل العاملين في كل مرافقنا وليس في مرفق السكة الحديد فقط، نحتاج أيضا أن نعمل بكل جد على تغيير منظومة القيم الاجتماعية، حتى يسود حياتنا التكافل والتراحم فيما بِيننا.
الجريدة الرسمية