رئيس التحرير
عصام كامل

ترامب ونظرته للعرب (2)


ونستكمل ما بدأنه بالأمس عن نظرة "ترامب" إلينا حيث يصل إلى نتيجة صادمة ومفزعة للعرب أجمعين بقوله: "لا يوجد مكان مهيأ للهدم أكثر من العالم العربي، مصانع السلاح تعمل، ولا يعنيني من يموت ومن يقتل في تلك المنطقة، وهذا الأمر ينطبق على الجميع، فأنا سأكمل مشروع السيطرة على النفط العربي، لأنه من خلال السيطرة عليه تكتمل السيطرة على أوروبا". 


هكذا يفكر "ترامب" رئيس أكبر دولة في العالم، وهكذا يتعامل مع قضايا العرب المختلفة في سوريا ولبنان والخليج العربي.. بينما يبدو الوضع مختلفًا في تعامله مع تركيا؛ إذ سحب قواته من سوريا قبيل اجتياح "أردوغان" لها في عمليته التي أطلق عليها اسم "نبع السلام".. إنه يفكر طيلة الوقت في المصالح وحدها.. وكيف يربح من أي عملية؟!

"ترامب" لا لوم عليه، إنما نلوم أنفسنا؛ ولا يصح والحال هكذا أن ننتظر منه أن يتعامل مع قضايانا بوازع من أخلاق أو إنسانية؛ إذ إنه يرى أن العالم سيتكبد مزيدًا من الدماء والدمار، وهو ما نرجو أن يكون مجرد شو انتخابي للاستهلاك المحلي، أراد به كسب الأصوات في معركته الانتخابية القادمة نحو مقعد الرئاسة في البيت الأبيض. 

وأيًا ما تكون نوايا الرئيس الأمريكي ودوافعه فإن السؤال: أين رد الفعل العالمي إزاء ما يهذي به "ترامب".. وهل يكمن السر في غياب العدالة وإخفاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية في حل مشكلات العالم وقضاياه، وتردي المنظومة العالمية وافتقادها المصداقية اللازمة لإقرار العدل وتحقيق السلم الدولي؟

لعل ما يؤكد فشل تلك المنظومة هو لجوء "أردوغان" لغزو شمال سوريا في ظل عشوائية المنظمة الدولية، وفوضى الفيتو التي تعرقل مجلس الأمن عن أداء دوره بنزاهة وحياد، حتى أضحى هذا الفيتو سيفًا مصلْتًا على رقاب الضعفاء، بينما يفلت منه عتاة المجرمين المعتدين، وعلى رأسهم إسرائيل التي تعيث فسادًا في الأرض العربية وبلطجة واحتلالًا تحت غطاء وحماية الفيتو الأمريكي، الذي تسبب في تعاسة البشرية وضرب سمعة النظام الدولي في مقتل. 

وهو ما يجعل تغييره ضرورة قصوى إذا أريد للبشرية أن تنعم بالسلم والعدل والأمن.. وكفانا اتخاذه مطية لتحقيق أغراض خمس دول كبرى هي وحدها صاحبة الحق في استخدامه وفقًا لمصالحها؛ مهدرةً قيم الحق والعدل، متسببة في شيوع الفقر والعنف والإرهاب والبلطجة السياسية. 

فكيف تتحكم الدول الخمس في مصاير العالم كله.. كيف تكون خصمًا وحكما في الوقت ذاته.. كيف تتخذ من قرارات المجلس ستارًا لنهب مقدرات الشعوب العربية وثرواتها الطبيعية مثلما جرى في العراق وليبيا وسوريا.. كيف يستخدم مجلس الأمن لإدارة الصراعات وتكريس النفوذ وتصفية الحسابات على الساحة الدولية.. ومنح امتيازات لدول هنا وسلب مقدرات دول هناك.

الجريدة الرسمية