"ذكريات النصر".. اللواء مصطفى المصري: تزوجت بمكافأة إسقاط 4 طائرات إسرائيلية.. عبد الناصر رصد 500 جنيه لمن يسقط مقاتلة للعدو.. والقوات المصرية نجحت في استخدام الأسلحة الحديثة ببراعة
قصته من البطولات الاستثنائية، لذلك لا يمكن الاحتفال بالذكرى الـ 46 لنصر أكتوبر، دون المضى قدمًا للحديث عن اللواء مصطفى المصرى، أحد أبطال قوات الدفاع الجوى، الملقب بـ«صائد الطائرات» خلال حرب أكتوبر المجيدة.
وعن تفاصيل رحلته منذ انضمامه للكلية الحربية إلى مشاركته في حرب أكتوبر، قال اللواء مصطفى المصرى: "بعد نكسة 5 يونيو 1967، وبعد إعلان القوات المسلحة فتح باب القبول لدفعة استثنائية، قدمت فورًا من أجل الانضمام للقوات المسلحة، ولم تكن العائلة تعرف شيئًا عن هذا الأمر، وتخرجت في الكلية الحربية في 3 فبراير عام 1969، بعد دراسة تخصص دفاع جوي التابع حينها لسلاح المدفعية، وكان من يتم اختياره دفاع جوي داخل الكلية، يتم إرساله إلى معهد الدفاع الجوي بالإسكندرية، ليأخذ الفرق الخاصة بها".
وكشف اللواء مصطفى المصري أنه أثناء وجوده في إدارة شئون ضباط القوات المسلحة، تم اختياره هو وآخرين للتوجه إلى معهد الدفاع الجوي بالإسكندرية، وذلك من أجل التدريب على الرشاش (20 ملم) الذي أنزله الفريق عبد المنعم رياض من على طائرات الميج 17 لاستخدامه في عملية استهداف الطائرات الإسرائيلية التي كانت تطير على ارتفاع منخفض للغاية، وأشار إلى أنه بعد شهر ونصف الشهر من عمله على السلاح الذي كُلف للعمل عليه، جاء إليه خطاب في أبريل من عام 1969، طالبه بضرورة التوجه إلى إدارة شئون ضباط القوات المسلحة.
سلاح جديد
وتابع: "بالفعل توجهت إلى إدارة شئون الضباط، ومعي ما يقرب من 10 ضباط، اختير منا 5 أفراد للعمل على سلاح جديد، وتسلمت خطابا موجها لمعهد الدفاع الجوي، يُفيد بحصولي على فرقة (رشاش ثقيل) ولم نسمع بهذا السلاح من قبل، فاستفسرت من المسئول حول أنه ليس هناك رشاش ثقيل داخل المعهد، فرد على قائلا: (نفذ الأوامر يا سيادة الضابط)، وبعدها توجهت إلى معهد الدفاع الجوي مرة أخرى، وعندما وصلنا، كان هناك كردون أمني مُشدد، وكنا ما يقرب من 13 فردا داخل المعهد".
وأوضح «صائد الطائرات» أنه تم عرضه على عدد من الخبراء الروس داخل معهد الدفاع الجوي، وتحدثوا معه حول استخدامه للأسلحة وكيفية تعامله مع المواقف الطارئة، وبعد رده عليهم تم اختياره".
وأضاف: "الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ذهب إلى روسيا وطالبهم بالحصول على سلاح من أجل مواجهة الطيران المنخفض للعدو الإسرائيلي، الذي كان يستهدف حينها المنشآت المصرية، مثل (مدرسة بحر البقر، ومصنع أبو زعبل)، وغيرها من المناطق والمدنيين، وأنه لن يسمح لإسرائيل بعمل ذلك في شعبه، فرد الروس حينها عليه بأنهم سيقدمون له سلاحا لا يعلم عنه العالم شيئًا".
لكنهم قالوا له: إن ضباطك لن يستوعبوه، لكنه تحدى الروس بأن الضباط المصريين سيستوعبون السلاح الجديد في أقل فترة ممكنة، وكانت مدة التدريب التي وضعها الروس 6 أشهر، فاستوعبناه في أقل من 3 أشهر فقط، وبعد فترة وجيزة من التدريب، توجه أحد زملائي وهو الضابط ماجد أحمد على بالسلاح الجديد إلى جبهة القتال لحماية كتائب الصواريخ، وكانت المفاجأة إسقاطه طائرتين إسرائيليتين من طراز (سكاي هوك الأمريكية- وميراج الفرنسية )، والسلاح الذي أسقط هاتين الطائرتين هو سلاح صواريخ (ستيرلا) الروسي، أو صاحب العيون الزائغة كما نطلق عليه، وإسرائيل تطلق عليه كتائب الحية، فهذا الصاروخ يتميز بأنه يتبع حرارة الطائرة ويصيبها في المحركات بالمنتصف، فيقسمها نصفين ولايستطيع الطيار الهروب بالكرسي المتحرك، لأن سرعة الصاروخ الكبيرة لا تعطى وقتا للطيار للتصرف".
وتابع: "في يوم 9 سبتمبر 1969، توجهنا إلى مكتب قائد قوات الدفاع الجوي لمقابلة اللواء محمد على فهمي حينها، قائد القوات، وأعطانا تعليمات بالتوجه إلى أحد الجبال في موقع «عجرود القديمة»، وذلك من أجل الدفاع عن إحدى الكتائب، من هجوم الطيران الإسرائيلي، ومكثنا هناك من يوم 9 حتى 18 سبتمبر عام 1969، لم يحدث شيء، لكن يوم 18 سبتمبر، جاء هدف استطلاع إسرائيلي على مسافة عالية، تم الاشتباك معه".
وقال: "بعدها تم انسحاب الكتبية وبناء «كتيبة هيكلية» مكانها، لأننا كنا نعلم أن إسرائيل ستستهدف المكان خلال ساعات قليلة، وبالفعل في اليوم التالي جاءت هجمة جوية من قبل طائرات سكاي هوك وطائرات ميراج إسرائيلية، وكان أول اشتباك حقيقي لي، حيث كنت مُكلفا بعملية إسقاط الطائرات الإسرائيلية التي ستطير على ارتفاع منخفض، وبالفعل أسقطت طائرة سكاي هوك، وطائرة ميراج إسرائيلية، وكان ذلك نجاحا كبيرا لي ولزملائي بالكتيبة، وكان وقتها إسقاط طائرة إسرائيلية أمرا جللا، والرئيس عبد الناصر كان عارضا مكافأة 500 جنيه لأى ضابط دفاع جوي أو طيران يسقط طائرة إسرائيلية".
حماية سرية الرادار
وأضاف: "ثم جاءنى ضابط أمن وأعطى لي أمر فوري بالتحرك معه هو ومجموعته، بناءً على تعليمات قائد قوات الدفاع الجوي، فذهبت ومعي توجيهُ إلى أحد المهابط الخاصة بطائرات الهليكوبتر، وتم تصعيد المجموعات القتالية أعلى الجبل، وذلك لحماية سرية رادار من هجمات الطيران الإسرائيلي، ووزعت القوة إلى 3 مجموعات قتالية، كل واحدة قوامها 7 أفراد، وبعد ذلك رصدنا طائرتين إسرائيليتين قمت باستهدافهما وأسقطتهما بالفعل، وبذلك أسقطت 4 طائرات إسرائيلية خلال يومين، وكانت هذه خسائر فادحة للطيران الإٍسرائيلي، وقمت بجمع مبلغ 2000 جنيه كمكافأة، وفي عام 1969 كان هذا المبلغ ثروة، ومن خلال ذلك المبلغ تزوجت".
وعن يومياته في حرب أكتوبر قال اللواء مصطفى المصرى: "كنت نقيبًا في حرب أكتوبر 1973، وقائد كتيبة «ستيرلا حية»، وكنا قد طورنا الصاروخ قبل نصر أكتوبر، وأدخلنا عليه تعديلات تلائم حربنا الشرسة مع إسرائيل، ولم يعلم العالم منذ الفترة 1969 حتى 1973 بنوعية السلاح الذي كنا نحارب به".
وأضاف: "كُلفت قبل حرب أكتوبر بفترة قصيرة بعملية تأمين الفرقة 18 مشاة ميكانيكي بقيادة اللواء عزيز غالي الذي حرر مدينة القنطرة شرق، وأمنت لهم المعابر حتى أقاموا رأس الكوبري، ثم إحدى القواعد الجوية المهمة، والتي كانت تحتوي أهم لواء للمقاتلات وقتها، وعند اندلاع حرب أكتوبر لم يجرؤ العدو الإسرائيلي على مهاجمتنا، لكن في اليوم التالي من الحرب، كانت هناك هجمة من قبل الطيران الإسرائيلي، وأسقطنا لهم طائرتين، وكانوا يتركون يوما ويهجمون اليوم الذي بعده فهجموا يوم 9 وأسقطنا لهم طائرتين".
وتابع: "استمرت الهجمات طيلة أيام الحرب، وتمكنت كتيبتي من إسقاط 6 طائرات قبل يوم 14 أكتوبر، الذي شهد ملحمة الاشتباك الجوي بين الطيران المصري والإٍسرائيلي والتي سميت فيما بعد بأطول معركة جوية في التاريخ، وانتهت الحرب وحصلت على وسام الجمهورية، وكنت ثاني صائد طائرات في قوات الدفاع الجوي المصري فخر الأسلحة الحديثة".
"نقلا عن العدد الورقي"...