يسارى متأخون!
لو كان الدكتور "رفعت السعيد" رحمه الله يعيش بيننا الآن لأطلق لقب يسارى متأخون على بعض اليساريين، بسبب تأييدهم للإخوان أو لقيامهم الآن بالعزف على أنغام الإخوان، وذلك على غرار صكه لإصلاح التاسلم السياسي!
فأنا أفهم وأقدر أن يعارض اليسارى بعض سياسات الإدارة المصرية الحالية، خاصة الاقتصادية، لأنها أرهقت أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة ولم توفر حماية كافية لقطاعات جماهيرية من السقوط تحت خط الفقر، فزادت نسبة من يعيشون تحته إلى قرابة ثلث المصريين.
وأفهم وأقدر أيضا أن يعارض اليسارى تأخر حدوث إصلاح سياسي يفتح المجال السياسي، ويعزز من فعالية الأحزاب ويدعم نشاط المجتمع المدنى، وتأخر حدوث إصلاح إعلامي يرثى مبادئ المهنية في إعلامنا المقروء والمسموع والمشاهد والإلكترونى، ويمكن المهنيين من قيادة هذا الإعلام، ويوسع مساحة حرية الإعلام والصحافة.
بل أكثر من ذلك أفهم وأقدر أن ينتقد اليسارى أولويات الإدارة الحالية، وحتى أن يرفض إقامة بعض المشروعات القومية، فإن أشهر مشروع قومى في تاريخنا الحديث، وهو مشروع السد العالى، الذي كان أحد أسباب قيامنا بتأميم شركة قناة السويس، ما زال حتى الآن يرفضه البعض، ويراه لم يكن ضروريا، لدرجة أن كاتبين كبيرين هما "محمد عودة" و"فيليب جلاب" أصدرا معا كتابا يردان به على ذلك اختارا له عنوانا هو: هل نهدم السد العالى؟!
لكننى مع ذلك كله لا افهم بالمرة ولو لثانية واحدة أن يساند يسارى الإخوان، أو مجرد أن يتسامح معهم، أو حتى يسكت على جرائمهم، ناهيك عن دعم خططهم لاستعادة حكم البلاد..
فاليسار مع التقدم وضد الفاشية الدينية، فكيف يستقيم مجاراة عصابة إرهابية فيما تقوم به؟! لا يوجد مبرر واحد مقبول لذلك الجنون سوى أن اليسارى الذي يفعل ذلك خلع رداءة اليسارى وارتدى رداءة جديدا هو رداء الإسلام السياسي.. أي تأخون!
ملاحظة: هذا الكلام ينطبق على الليبرالي الذي يساند الإخوان أيضا!