الاعتراف بالأخطاء بداية الإصلاح
هالنا الخسائر التاريخية في البورصة خلال الأيام الثلاثة الماضية، ما سيكون له مردود سلبي نتمنى أن نتجاوزه سريعا.. نزيف البورصة سببه مبيعات المصريين والعرب خشية تأثير ما حدث يومي الجمعة والسبت الماضيين من تظاهرات محدودة، "ضخمتها وعملقتها" ماكينة فبركة وأكاذيب قنوات الإخوان الإرهابية، مع الكتائب الإلكترونية المعادية للدولة، يقودها "خنزيرة التلفزة" قناة الجزيرة القطرية، مع مساندة أساسية من "الأناضول" و"تي آر تي" التركيتين، و"بي بي سي عربية" الاستخباراتية البريطانية، ولا ننسى بعض القنوات الأمريكية الناطقة بالعربية، التي كان لها دور بارز في بث الشائعات وترويجها حتى سقطت العراق.
قبل الإضاءة على بعض ما حدث، يجدر التوقف عند نقطة في غاية الأهمية عن كيفية وصول بث "الجزيرة مباشر" ومواقع "الإخوان" إلى جميع المصريين، وهي "محظورة" رسميا ولا يمكن مشاهدتها. ثم أن "السوشيال ميديا" كانت تدعو إلى التظاهر قبل أسبوع، أي أن الأمر لم يكن مفاجئًا، فمن يملك الجرأة وصلاحية "رفع الحظر" عن مواقع وقنوات معادية للدولة، كي تبث أكاذيب تضلل بها العالم وتحول احتجاج بضعة مئات إلى "ثورة" لا تبقي ولا تذر!!
ما حدث خطير ولا يمكن اعتباره خطأ بأي حال، ولا نريد توصيفه كما ينبغي، لكن من حقنا معرفة من وراءه وهدفه من ذلك!!
أمر آخر لا يقل أهمية عما سبق يتمثل في غياب الإعلام المصري عن مواكبة الأحداث، فلم يجد الشعب أمامه إلا الإعلام المعادي، السالف ذكره، يستقي منه المعلومة، وكان هو أيضا مصدر المعلومة للعالم أجمع، يبث معلومة صحيحة وسط عشرات الأخبار الكاذبة أو القديمة!!
غياب الإعلام الرسمي والفضائيات المصرية لم يكن عن تقاعس أو تخاذل، بل لأنه "مقيد" وينتظر تعليمات التحرك لبدء المتابعة والتغطية، وهذا لا يجوز في الإعلام، لأن دقيقة واحدة تغير أمور كثيرة، ومع وصول التعليمات كان مضى وقت طويل، ونشر العالم كله أنباء "الثورة المزعومة" من الإعلام الساعي لإسقاط مصر!!
"التظاهرات المحدودة" كشفت عورات كثيرة في الإعلام المصري يجب الاعتراف بها كي نبدأ الإصلاح، ونصبح مصدر المعلومة اعتمادا على أن المتابعة والرصد الصادق الحقيقي لما يجري، هو أنجح الوسائل لقطع الطريق على محترفي الفبركة والكذب والتضليل، ويجب هنا الإشادة بالجهد المحمود، الذي بذله منفردا الإعلامي "عمرو أديب" عبر "إم بي سي مصر" لمواجهة أكاذيب الإعلام المعادي، وضربته الكبيرة في استضافة "محمود حمدي عبدالفتاح السيسي"، العضو المنتدب لصيدليات 19019، فظن "الإخوان والجزيرة" بداية أنه نجل الرئيس السيسي، ليكتشفوا أنه مجرد تشابه أسماء، ثم يعلن أنه أحد ملاك مجموعة الصيدليات، التي أشاعت الجماعة الإرهابية أنها مملوكة للجيش.
كما لا أنسى جهدا كبيرا بذلته الفنانة "سحر محمد نوح"، لتعويض غياب الإعلام المصري عن متابعة الأحداث، فنزلت الميادين بسيارتها تبث فيديوهات مباشرة على طول الطريق عبر "تويتر" لتثبت كذب الإعلام الكاذب، ومثلها فعل شباب الصحفيين بجهد فردي مشكور.
ما جرى الأيام الفائتة كشف ارتباكا لا تخطئه عين، في مجلس تنظيم الإعلام وهيئة الاستعلامات، فكلاهما فشل في المهمة، وبات لزاما تغيير منظومة الأداء بما يمكن العاملين من الإبداع والابتعاد عن تقليدية الأداء والحوار والالتزام الحرفي بما يملى عليهم، كي نصمد أمام الآخرين ونستعيد ثقة المشاهد مجددا.
لم تكن الحكومة أيضا أفضل أداء، وغابت عن المشهد، وعليها الاعتراف بوجود أخطاء جمة في سياستها وضغطها غير المتناهي على الشعب، الذي لم يعد يتحمل أعباء وتكلفة الإصلاح الاقتصادي، ورغم ما يتردد عن جني ثمار الإصلاح، لم يجد المواطن إلا مزيدا من الغلاء ورفع الدعم، وعدم قدرة الحكومة على ضبط الأسواق أو مواجهة جشع التجار. فضلا عن أن بعض الوزراء باتوا عبئا على الحكومة والشعب، وصار الفشل الذريع عنوان أدائهم بشكل عام، في مقدمتهم وزيرة التضامن الاجتماعي، ووزير الري والموارد المائية.
حاسبوا المخطئ من المسؤولين، عالجوا جوانب القصور، حسنوا الخدمات، غيروا الأداء، ارفعوا قيود الإعلام، واجهوا جشع التجار والغلاء، كي يشعر الناس بالأمل، ولا تجد الجماعة الإرهابية وأعداء مصر ثغرة تؤجج من خلالها سخط الشعب المنهك على الدولة.