الغضب المشروع!
غضب المصريين المشروع مما تقوم به "إثيوبيا" من مناورات لإضاعة وقت المفاوض المصري، حول حصة مصر في مياه النيل، يجب أن يتحول إلى إجراءات عملية يشعر بها الجانب الإثيوبي، إن صبر المصريين قد نفد وليس بمقدورهم التنازل عن حصتهم في مياه النيل.
تتجاهل إثيوبيا حقيقة أن تلك الحصة لم تعد تواكب الزيادة السكانية التي تضاعفت عدة مرات منذ توقيع اتفاقية عام 1959، عندما تم اقتسام فوائد بناء السد العالي بين مصر والسودان، وكان عدد سكان مصر وقتها 25 مليون نسمة، والمطلوب الآن أن تكفي تلك الحصة أكثر من مائة مليون نسمة، بل إن إثيوبيا تسعى لإنقاص تلك الحصة، وأظن أن المفاوض المصري لم يعد لديه وقت يضيعه في تلك المفاوضات العبثية، التي تبدأ وتنتهي دون اتخاذ أية خطوة عملية ليتحدد موعد آخر لاستكمالها، وتعتذر "إثيوبيا" عن المشاركة وتطلب تحديد موعد آخر ينتهي إلى نفس مصير سابقيه.
على الجانب المصري في المفاوضات ألا يستسلم لتلك اللعبة الإثيوبية المملة وأن يتخذ قرارات تناسب المصريين، وأن يضع المفاوض المصري في اعتباره أن كل المؤشرات تؤكد أن عدد المصريين سيتجاوز 160 مليون نسمة عام 2050، ما يتطلب إعداد الخطط المناسبة لمواجهة تلك الزيادة.
ومن أسف أن الجانب الإثيوبي لم يقدر الموقف المصري الذي لا يتجاهل المصالح الإثيوبية، ولا احتياجاتها من الكهرباء التي تتولد عن مياه السد الإثيوبى، وإنما يطالب بأن تراعى أيضا "إثيوبيا" احتياجات المصريين التي لا يمكن التغافل عنها.
كان المصريون يراهنون على حرص إثيوبيا على الالتزام بتحقيق المصالح المشتركة لدول حوض النيل، ويغلبون حسن النوايا على منطق التآمر، يقرون بأن الحوار بين الأشقاء يحقق مصالحهم المشتركة لو صدقت النوايا.
ومن أسف أن الموقف الإثيوبى لم يراع حقوق الجيران، وانتهزت فرصة تنشغل بها مصر بمشكلة داخلية في الإسراع في بناء السد أو فرض الأمر الواقع على المصريين، لذلك أرجو أن نستوعب الدرس ولا نمكن "إثيوبيا" من استثمار أوقات انشغالنا بمشكلات داخلية في تنفيذ خططها التي ستلحق أكبر الأضرار بالمصريين.