سجلاتنا النسائية
سمعنا منذ فترة عن استقالة أحد المسئولين من منصبه بسبب ما تردد عبر وسائل التواصل الاجتماعى عن تورطه في محادثة غير لائقة أخلاقيا مع إحدى السيدات، إذ سرعان ما انتشرت انتشار النار في الهشيم، وأصبحت سيرة هذا المسئول محل سخرية من كافة أطياف رواد "السوشيال ميديا"، بين قوسين (الأفاضل).
ولكن، هل فكرنا دقيقة واحدة قبل أن نوجه ألسنة التقريع والنقد اللاذع المؤلم إلى أي مخطئ، سواء كان مسئولا أو حتى شخص بلا منصب؟ هل فكرنا أنه من الوارد جدًا أن يكون أحدنا نفسه بطلا لمحادثة ساخنة، أو كتابات غرامية حارة، أو حتى إعجاب بإحداهن عبر وسائل التواصل؟
من منا لم يخطئ؟ لم يخالل؟ لم يعط مشاعره؟ لم يسرف؟ فكرنا فقط أن نكون حراس الفضيلة، وسدنة معبد الأخلاق، فانبرى كل منا مبديًا دهشته من هذا التصرف، وسارع إلى نسخ المقطع الصوتى على الصفحات المتعددة، وهو يحدث نفسه قائلا: "يا ريتنى مكانك بس في السر"!
بصرف النظر عن الشق الذي يخص المنصب العام للرجل، وهو الذي تحاسبه عليه الأجهزة الرقابية فقط وهى المخولة بذلك، وهو الذي ليس معرض الحديث هنا، لكن العيب الحقيقي في تفشي سلوكيات الشماتة والتشفى والاغتيال المعنوى، وإدعاء نبل الاخلاق من بعض من يتصورون أنهم لم ولن يحتاجوا مطلقًا إلى كف أفواه الناس عن أعراضهم، وإلى المزيد والمزيد بل وألف مزيد من ستر الله.
تخيل أنك أخطأت وصور لك أحدهم أو سجل ثم أذاع ما يؤلمك على مرأى من القاصي والدانى، هل كان الأمر يمر مرور الكرام بلا مبالاة، أم كنت ستسقط في دائرة من الآلام النفسية والعصبية والضغوط الاجتماعية التي قد تدمر حياتك برمتها.
ربما لو ركزنا في مشكلاتنا الخفية المستترة، والتزمنا فضيلة السكوت عن عيوب الآخرين ووزلاتهم الأخلاقية التي تخصهم وحدهم، لكان أفضل، ومدعاة لتفشي قيم احترام الغير.
نحن بشر نخطئ ونصيب، وقلما تجد رجالا سجلاتهم النسائية طاهرة، خاوية، بيضاء كيوم ولدتهم أمهاتهم، ولذا فالأحرى أن يلتزم كل منا نفسه وكفى بها وبمصائبها، فهى أولى بالإصلاح والدعوة للتحلى بالفضيلة. يقول الرسول الكريم ﷺ: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم».