الخائفون من الديموقراطية!
يزعم الخائفون من الديمقراطية، أن انهيار نظام "مبارك" يرجع إلى أنه ترك "الحبل على الغارب" للمعارضين لسياساته، ومن أسف أن تلك الفرية كادت تقنع العديد من المسئولين أصحاب القرار، بأن الرئيس الأسبق تساهل مع معارضيه، ما أغراهم بالهجوم على سياساته، وتحريض الجماهير على الثورة ضده.
وكأن الجماهير كانت في حاجة إلى من يحرضها، ويكشف سياسات النظام الخاطئة، التي تجلت في إهمال التعليم والصحة وانتشار البطالة واستفحال الفساد، وتضاعف أعداد القرى الأكثر فقرا، وانخفاض الدخول و.. و.. و.. وعشرات المآسى التي يصعب حصرها، وتحمل المواطنون الثمن غاليا، وبالتالى لم يكونوا في حاجة إلى من يحرضهم.
كل تلك المعاناة لم تكن تبرر في رأى الخائفين من الديمقراطية، الثورة على النظام الفاسد والفاشل الذي استمر ثلاثين عاما في حكم مصر.. وقرر أن يمنح ولى العهد ولده الهمام الحكم من بعده، على افتراض أن يظل يحكمها حتى رحيله، ثم يورثها لولده.. وكأن مصر أصبحت عزبة يتبادلون حكمها للأبد.
وكأن الاتجاه إلى التوريث لا يكفى لاستفزاز المصريين، وليضيف عاملا جديدا لرفضهم ل"مبارك" ونظامه، ولكن الخائفين من الديمقراطية لهم رأى آخر، هو أن ديمقراطية مبارك المزعومة تتحمل وحدها مسئولية انهيار نظامه والثورة عليه، والحقيقة أن "مبارك" لم يؤمن بالديمقراطية أبدا، إنما رضخ لنصائح مستشاريه الذين اختارهم بعناية، ليقدموا له الآراء التي تمكنه من الاستمرار في الحكم..
وأول تلك النصائح أن يستفيد من تجربة "السادات" وخصوصا في سنوات حكمه الأخيرة، وقراراته بحبس كل المعارضين من كافة الاتجاهات السياسية والصحفية، ولذلك كان قرار الإفراج عن المسجونين والالتقاء بهم من أول القرارات التي اتخذها، وحاول خلال اللقاء أن يبدوا متعاطفا معهم، ومتسامحا مع المعارضين، وأنه يعتبرهم جزء من النظام..
كما نصحوه بان يترك الناس يتحدثون، وينتقدون النظام، وقد وصف تلك الانتقادات بقوله "خليهم يتسلوا" في أيامه الأخيرة. واستمر "مبارك" في ممارسة تلك السياسة التي حافظت على نظامه كل تلك السنوات، ولم تكن أبدًا السبب في الانهيار.. ولا لسقوط النظام في سنواته الأولى.. الديمقراطية هي الحل.