كيف ينجح الشمول المالي؟!
"الشمول المالي" كلمة جديدة علينا، يمكننا أن نوضح ما هو أولا حتى نتكلم عن اضراره وفوائده، فالشمول المالى يعنى أن يجد كل فرد أو مؤسسة في المجتمع منتجات مالية مناسبة لاحتياجاته، مثل حسابات التوفير والحسابات الجارية وخدمات الدفع والتحويل والتأمين والتمويل والائتمان وغيرها من المنتجات والخدمات المالية التي تقدمها البنوك والمؤسسات المالية.
الشمول المالي هو أداة لإدخال السوق الموازي الذي تتم فيه كل عمليات البيع والشراء والتحويل خارج إطار السوق الرسمي، وهو السوق الذي يضر بالاقتصاد القومي، حيث ينال من قوة تأثير قرارات السياسة المالية والنقدية التي يتم التخطيط لها بعناية وتؤثر على حياة المواطنين ومستوى معيشتهم، حيث تطبق القرارات بالمنطق على السوق الرسمي فقط، اما السوق الموازي فإنها يسير بدون ضابط..
ومع كبر حجم السوق الموازى كما حدث عندنا ليصل إلى ثلاثة أضعاف حجم السوق الرسمي فإن الأثر يضعف من فاعلية تلك القرارات، وهذا هو الأهم لأن بعض من يسمع عن الشمول المالي يتوقع بسوء ظن أنه يهدف إلى تحصيل الدولة لضريبة على الدخل مع أن الحسابات لا توجد عليها أي ضرائب أساسا.
الشمول المالي يتم الترويج له بطريقة غير ذات فاعلية حيث يتم إعلام المواطنين أن هناك فترة زمنية لتطبيق الشمول المالي، دون أن نتعرف على احتياجات المواطنين منهم انفسهم، ودون أن نفند لهم ردود على اسئلتهم.
أساس الترويج للشمول المالي للأسف هو كلمة "مجانا" حيث يصر المروج الإعلاني على أن فتح الحسابات للمواطنين يتم مجانا دون رسوم سنوية، مع أن القضية ليست مصروفات أساسا إنما لا توجد رغبة للمواطن نتيجة عدم معرفته أو توعيته بأهمية القضاء على السوق الموازى.
ما الضرر من الإعلان الحالى:
أولا: أن هناك مصروفات تتحملها البنوك في وجود الحسابات وخدمتها، ولذا لابد أن يتم الوفاء بتلك المصروفات من قبل المودعين حتى لا تتحمل البنوك مصروفات دون وجه حق.
ثانيا: أن صاحب الحساب لا يهتم بالودائع لأنه لا يعرف الفائدة منها، إما لعدم القدرة أو لعدم الرغبة في الادخار، ولهذا تصبح الحسابات بلا أرصدة.
فلنغير من سياسة الترويج للشمول المالي إلى السياسة التي تحرز أثرا بالقيام بإظهار الفوائد التي يتحصل عليها العملاء حسب رغباتهم من سهولة التعامل عبر الإنترنت بيعا وشراء على حساباتهم، وتحصيل الفواتير عبر الخصم المباشر من كروت الائتمان، ووجود فائدة على الحسابات بدلا من وجود الأموال بالمنازل دون فوائد، وسهولة الحصول على قروض تمويلية استهلاكية أو استثمارية..
أو حتى أن يصل الترويج لجعل الفترة الزمنية التي تتم فيها فتح الحسابات بأسعار خاصة عبر ماكينات الشراء في المتاجر، وتزويد المجمعات السكنية بماكينات الصرف النقدي لسهولة الحصول على الأموال وقتما يريد المواطن، وليس أن يذهب إلى أقرب مول أو أقرب بنك له، وهذا ما يدفع بالشمول المالي إلى خلق الأثر بإذن الله.