رئيس التحرير
عصام كامل

خطاب مفتوح لـ«رئيس هيئة الرقابة الإدارية» (3)


كلنا ثقة في القوة التي تسعى بها الرقابة الإدارية لضرب بؤر الفساد بشقيه المالي والإداري، دون النظر إلى مصدره سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، ومن ثم فلن نكل عن فتح ملفات الفساد وفضح الفاسدين من أصحاب الياقات البيضاء الذين يلبسون أفخر الثياب ويركبون السيارات الفارهة على نفقة الدولة، دون أن يردوا لها جميلًا أو يحفظوا لها عهدًا.


ونتحدث اليوم مع الوزير «شريف سيف الدين» رئيس هيئة الرقابة الإدارية عبر هذا الخطاب المفتوح عن عدد كبير من القرارات الوزارية أصدرها الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، وصلت إلى 28 قرارًا تحوم حولها الشبهات، دفعة واحدة بأرقام متسلسلة، تكشف عن فساد إداري صارخ شاب هذه القرارات، إذ جاء بعضها بمثابة مكافأة لعدد من غير المستحقين، والمُدانين تأديبيًا، بتوقيع جزاءات عليهم، بينما البعض الآخر محال للمحاكمات التأديبية متهمًا بارتكاب مخالفات مالية وإدارية جسيمة، بالإضافة إلى أن تلك القرارات خالفت نصوص قانون الخدمة المدنية ومبادئ المحكمة الإدارية العليا وفتاوى الجمعية العموية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، بشأن فلسفة التأقيت في شغل الوظائف القيادية.

صدرت تلك القرارات المريبة بأرقام مسلسلة من 442 لسنة 2018 حتى 469 لسنة 2018، بشأن تجديد تعيين 28 مديرًا عامًا بديوان عام الوزارة، بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، وبالتأكيد دون موافقة الرقابة الإدارية، كونها شملت تجديدا للثقة بعدد ممن تحتوي صحائفهم الوظيفية سوابق من الجزاءات التأديبية، وعدد آخر من المحالين للمحاكمات وأصابت تلك القرارات غالبية العاملين بديوان عام الوزارة والعارفين بهذه القيادات، بالصدمة والذهول.

ويؤكد صحة المخالفة المنسوبة للجنة القيادات بوزارة التربية والتعليم بشأن ترقية المحالين للمحاكمات وأصحاب الجزاءات، للوظائف القيادية والتجديد لهم.. حكم أصدرته المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجلس الدولة في القضية رقم 151 لسنة 58 قضائية عليا بمجازاة 4 من وكلاء أول الوزارة في ماسبيرو وهم إسماعيل الششتاوي، رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهالة حشيش، رئيس قطاع القنوات المتخصصة ونهال كمال، المستشار برئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون وإبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار، بوصفهم أعضاء اللجنة الدائمة للوظائف القيادية باتحاد الإذاعة والتليفزيون، لموافقتهم على تجديد تعيين حنان صدقي بوظيفة رئيس الإدارة المركزية للشئون القانونية بقطاع التليفزيون، رغم إحالتها للمحاكمة التأديبية، كل ذلك بافتراض عدم التزوير والتدليس على لجنة القيادات بتقديم مستندات مزورة بشأن أولئك المستفيدين دون وجه حق.

ومن ناحية أخرى فإن قرارات وزير التربية والتعليم التي أصدرها في نهاية أكتوبر الماضي بتجديد تعيين 28 من قيادات الوزارة الذين تم تعيينهم في تلك الوظائف في أول أغسطس 2015 لمدة ثلاث سنوات تنتهي في أول أغسطس الماضي، خالفت المادة 20 من قانون الخدمة المدنية التي تنص على أن «تنتهي مدة شغل الوظائف القيادية ووظائف الإدارة الإشرافية بانقضاء المدة المحددة في قرار شغلها ما لم يصدر قرار بتجديدها، حيث يجوز للموظف خلال الثلاثين يومًا التالية لانتهاء مدة شغله لإحدى الوظائف القيادية طلب إنهاء خدمته»

وفي هذا الشأن انتهت الجمعية العمومية للفتوى والتشريع في الفتوى رقم 86 / 6 / 587 إلى أن المشرع اعتنق فلسفة التوقيت في شغل الوظائف المدنية القيادية وجعل شغلها للمدة التي يحددها القرار الصادر بالتعيين، وأنه لا وجه للقول بجواز إصدار قرار بالتجديد بأثر رجعي اعتبارًا من تاريخ انتهاء المدة السابقة، لأن عدم صدور قرار بالتجديد قبل الموعد الذي حدده القانون يسقط حق السلطة المختصة في التجديد بعد ذلك، لأن التجديد بوصفه أداة قانونية لشغل الوظيفة القيادية يجب أن يكون صريحًا ومكتوبًا وفي الموعد الذي حدده القانون، لأن النص جاء صريحًا في انتهاء الخدمة في الوظيفة القيادية بانتهاء مدتها دون تجديد.

ويضاف إلى ذلك أن عدم صدور قرار التجديد لشاغل الوظيفة القيادية يجب أن يُفسر وفقًا لما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه قرار ضمني بعدم التجديد، لاتفاق ذلك مع قصد المشرع الذي اعتبر أن شاغل تلك الوظيفة منقولًا بقوة القانون إلى وظيفة غير قيادية، اعتبارًا من تاريخ انتهاء مدة شغل الوظيفة القيادية، كما أنه يتعين محاسبة المسئولين عن هذا الإهمال والتراخي في تطبيق أحكام القانون والإخلال بمقتضيات المشروعية التي يتعين على الجهة الإدارية الالتزام بها وعدم الخروج عليها فيما تجريه من أعمال وتصرفات.

وخلاصة القول أن الداء يكمن في أعوان وزير التربية والتعليم قبل الوزير نفسه، فهم أصحاب أدوات التفصيل الذين يُزينون له سوء عمله، ويؤكدون له أن أحلامه أوامر.. وهم بذلك يخونون وظيفتهم وبخاصة مستشاري السوء الذين أحاط بهم نفسه وسنكشف عنهم تباعًا.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية