اليسار.. العلمانية.. الإخوان
بدأ استخدام مصطلح اليسار بعد الثورة الفرنسية في البرلمان الفرنسي عندما انقسم البرلمان إلى كتلتين جلست المتحفظة ناحية اليمين، أما الثورية فكانت ناحية اليسار، من هنا جاءت التسمية، وليس غريبا أن يندرج تحت اليسار كل الأفكار الداعية إلى التحرر والثورة وأيضا التي تؤمن بالعدالة الاجتماعية والاشتراكية ومن ثم الشيوعية.
أما العلمانية وهي نظرية تدعو إلى الاهتمام بالشئون الأرضية أي تفسر الأشياء إلى الواقع والعلم مثل الاقتصاد والسياسة وأسباب قيام الحروب وانتشار الأمراض، وهي نظرية نشأت مع الفلسفة اليونانية ثم تطورت في أوربا بعد ذلك لتتحول إلى وسيلة حياة ومضمونها الأساسي فصل الدين عن الدولة.
ولنأخذ الأمور بعد التعريفات بشيء من الروية ففي فترة الحرب الباردة خرجت علينا كتل اليمين سواء التي تنتهج اليمين الديني أو الرأسمالية ـ التي تخشى على تجارتها وشركاتها العابرة للقارات.
بنظريات حول اليسار تدعي فيه أنه كفر وإلحاد متخذة من بعض المفاهيم المغلوطة التي وردت في كتاب الجمهورية لأفلاطون والتي اعتمدت عليه الشيوعية من أن هذه الأفكار اليسارية تدعو إلى الإلحاد وغياب دور الدين تماما.
لذلك من يقرأ ماركس وانجلز وتروتسكي ولينين وغيرهم من منظري الاشتراكية يجد أن جل نظرياتهم تتحدث عن الاقتصاد والاجتماع ولم تمس الدين لا من قريب أو من بعيد، هم مجرد علماء وضعوا نظرية وطوروها، أما إذا كانوا ملحدين أو كفارا.
فنحن نستخدم منتجات الكفرة كل يوم في منازلنا وأعمالنا ولم نتهم بالكفر أو نرفض استخدامها لأن منتجها كافر، كان من مصلحة الكتلة الغربية أن تحاول تشوية الحركات اليسارية كاملة من أجل أن تحافظ علي مكتسابتها التي وصلت إليها وخصوصا بعد الحرب العالمية الأولى والثانية واقتسام نصف العالم والسعي لامتلاك الباقي فكان هذا التشوية، والضحك على ذقون الجهلاء واستخدامهم لترويج أفكارهم في مقابل بضع دولارات.
ولكن لماذا العلمانية بالتحديد تتحول إلى سبه في وجه من يعتنقها، عندما يؤلمني ضرسي فإنني أذهب إلى الطبيب ليطلب أشعة ولكنني لا أذهب إلى شيخ الجامع ليصف لي دواء، هذه علمانية، اتجه إلى العلم والعلوم الأرضية لتخفيف ألمي.
ورسولنا الكريم يقول اعقلها وتوكل عندما وجد أحد الأعراب ترك بهيمته سائبة وقال الأعرابي سيأتي بها الله ولكن الرسول أمره أن يأخذ بالأسباب ويربط الدابة، إذا يأمرنا النبي الكريم أن ناخذ بالأسباب والعلل، فالحكومات لابد أن تدرس أسباب ارتفاع وانخفاض موازين المدفوعات والتجارة وتحاول أن تتوصل إلى طريقة لخفض نسبة العجز وارتفاع الدين، وكلها أمور اقتصادية وليست دينية، بمعنى أن أي وزير استثمار مهما كان تدينه لابد وأن يأخذ بالأسباب العلمية لكي يؤدي عمله.
أما الإخوان فيحاولون تشوية دور اليسار التاريخي، وتكفير العلمانيين الذين هم ألد خصومهم الآن باعتبارهم المعارضة ويصفونهم بتلك المصطلحات التي لا تجد هوى في نفس البسطاء ويعتبرونها الكفر بعينه، نفس الأسلوب الأمريكي الرخيص ولكن مع لحية وجلباب، اعتقد حان الوقت على أمة "اقرأ" أن تطبق أول فرض في الإسلام.. اقرأ.