رئيس التحرير
عصام كامل

المصانع قبل المتاجر !


عندما بدأت الصين تجربتها الاقتصادية في التنمية عمدت إلى منح المستثمرين الأجانب مميزات خاصة، وكبيرة في المجالات التي تحتاجها أكثر، وأيضًا في المناطق الصينية الأكثر حاجة للاستثمار فيها.. فإن الصين لم تضع تسهيلات ومميزات متساوية للاستثمار الأجنبي، سواء فيما يتعلق بالجمارك أو الضرائب أو منح الأراضي.. وإنما ربطت هذه المميزات والتسهيلات بأولويات خطة التنمية الاقتصادية في البلاد.. ولعلنا نحتاج محاكاة الصين في هذه التجربة.


بل لعلنا نمارس هذه التجربة حاليا في مجالى البترول والغاز، والكهرباء، ولذلك حققنا نجاحات وإنجازات كبيرة وضخمة فيها.. لكننا لم نعمم ذلك على بقية المجالات الأخرى، ولذلك شهدنا اتجاها أكبر للمستثمرين، سواء المصريين أو الأجانب في المجال العقارى والمجال التجارى، بينما نحن أكثر احتياجا لاستثمارات في المجال الصناعي والمجال الزراعي، حتى نضمن معدلا مناسبا ومستدامة للنمو الاقتصادى، والأهم مؤثرا وفعالا في خفض معدل من يعيشون تحت خط الفقر، والحفاظ على مستوى معيشة أبناء الطبقة المتوسطة من الانخفاض.

إننا نشاهد الآن إقبالا على الاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري، خاصة في بعض المدن الجديدة، ونشاهد أيضا استثمارا أجنبيا في القطاع التجارى، حيث يتم إنشاء وتأسيس مجموعة من السلاسل التجارية في البلاد.. وحسنا هذا، لأن أي استثمار جديد مطلوب ومهم.. لكن يبقى الأكثر أهمية لنا الاستثمار في المجال الصناعي والمجال الزراعي قبل المجال التجارى والمجال العقارى.

ولن نتمكن من جذب استثمارات جديدة في المجالين الصناعي والزراعى إلا إذا قدمنا للمستثمرين مصريين وأجانب تسهيلات، ومميزات أكبر تغريهم على توظيف أموالهم في مشروعات صناعية وزراعية.. أما تقديم تسهيلات ومميزات واحدة ومتساوية للجميع فإنها يفقدنا القدرة على توجيه المستثمرين للعمل في المجالات الأكثر احتياجا لنا.. فإن المصانع بالنسبة لنا أهم من المتاجر ويتعين أن تسبقها.
الجريدة الرسمية