أشرف عبد الغفور: «كامب ديفيد» سر انتشاري بالأعمال التاريخية.. وهذا المخرج "كرهنى" بالسينما
- >> الفن يسقط حاليا إلى «الدرك الأسفل»
- >> رفضت «إعدام ميت» لعدم اقتناعى بالدور.. وتجربتي في «الرسالة» لم تسعدنى كممثل
- >> هيئة التحرير لعبت دورًا في دخولي عالم التمثيل
- >> إغراءات السينما جعلت شكري سرحان وفريد شوقي يهجران المسرح
- >> 10 جنيهات أول أجر حصلت عليه في فيلم «صبيان وبنات»
- >> لهذا السبب فضلت المسرح والدراما
- >> شعرت بـ«الغيظ» لعدم مشاركتي في «الوفاء العظيم»
- >> مسرحية «لعبة السلطان» نقلة نوعية في حياتي الفنية
- >> قدمنا في 2012 مسرحية «في بيتنا شبح» لفضح الدور الخفي للإخوان ضد الوطن
- >> مرشد "الجماعة" قال لي «اعملوا اللي تعملوه وإحنا هنعمل اللي نعمله»
- >> كنت أول ممثل يجسد شخصية المريض النفسي.. ونادم على دوري في«مغامرات ميشو»
- >> قررت التمرد على الدراما في 3 أعمال.. وابتعدت عن موسم 2019 لغياب الرؤية
- >> مسرحية «هولاكو» أعادتني للتمثيل بعد غيابي عن المشهد العامين الماضيين
- >> لو لم أكن ممثلا لتمنيت أن أكون عازف بيانو
- >> أدين بالفضل للراحل كرم مطاوع فلم تنجب مصر قبله أو بعد رحيله مخرجا مسرحيا مثله
- >> عبد الناصر كان لديه مشروع ثقافي حقيقي وفي عصره حدثت ثورة مسرحية وثقافية وفنية
أجرى الحوار : محمد طاهر أبو الجود
عدسة : حسام عيد
«أرجو أن أكون عند حسن ظن الجميع فيما قدمته وما سأقدمه لو كان في العمر بقية، وتارك لبصمة صحية مفيدة عند الناس، وإذا لم يكن فأنا مكتفي بالبصمة التي ستكمل مشواري، وهي ابنتي ريهام عبدالغفور».. كلمات يمكن القول إنها خلاصة تجربة فنية وحياتية عريضة مترامية الأطراف، تجربة أثبت صاحبها طوال سنواتها الممتدة أن «الموهبة»، والموهبة فقط ستكون هي صاحبة «القول الفصل» في النهاية.
الكلمات التي بدأت بها الفقرة السابقة جاءت على لسان الفنان القدير أشرف عبد الغفور، في حوار لـ"فيتو" امتد لساعات داخل مسرح جلال الشرقاوي، و«عبد الغفور» إلى جانب تاريخه الفني العريض والحافل بالأعمال المدهشة، فإنه يعتبر أحد الفنانين الكبار، وأحد مؤسسي مدرسة الفن الهادف، فعلي مدار مشاركاته الفنية الطويلة التي تقترب من 60 عامًا سواء في الدراما أو المسرح أو حتى السينما، ترك بصمة مهمة وبارزة في إثراء مسيرة الفن المصري والعربي بموهبته الواضحة، وخبراته المتميزة، وإجادته البديعة للتمثيل باللغة العربية الفصحى، فضلًا عن حرصه الكبير وإصراره على تنوع أدواره، واختياره للأدوار المركبة والصعبة، ليؤكد لنا أنه فنان من طراز خاص ومميز.. فإلى نص الحوار:
** نقطة البداية.. هل كان للأسرة دور في دخولك عالم التمثيل؟
لم يكن هناك دافع من قبل أسرتي، لكن ما أتذكره مساندة والدي ووالدتي لي، وعدم اعتراضهما على دخولي المجال، فبعد حصولي على الثانوية العامة التحقت بكلية التجارة، جامعة عين شمس، وقضيت فيها عامين، لكننى قررت تغيير قبلتي والتفرغ للفن، بعدما أُعلن عن افتتاح المعهد العالي للسينما، والذي كان يعتبر الأول في منطقة الشرق الأوسط، فتقدمت وقتها بأوراق الالتحاق، ونجحت في اختبار القبول، ويكمل ضاحكًا.. «من الوارد أن والدي كان يساندني ويدعمني من وجهة نظر اقتصادية؛ لاعتقاده أن الفنانين يتربحون الكثير من الأموال».
** قبل هذه الخطوة.. هل كانت لديك أي اهتمامات فنية؟
اهتمامي بالفن بدأ في المرحلة الثانوية، وقبل ذلك كان منحصرا في مشاهدة الأعمال السينمائية، ولم يكن لدى في عمر الـ14 عامًا النضج الكافي لرؤية الأعمال المسرحية؛ حيث كانت السينما تعني لي العالم المبهر الجاذب، حتى إنني كنت أشاهد الفيلم الواحد 3 مرات، وكانت المسألة بالنسبة لي أكثر عمقًا، فلم أكن اهتم بالممثل فقط، لكننى كنت أضع في حساباتي المخرج أيضًا، ومدير التصوير والسيناريست..«كان لدى كراسة أهم من كراسات المدرسة كلها، فيها صفحات بأسماء الأفلام والمخرجين والممثلين، والسيناريست وأفيش العمل».
** «هيئة التحرير».. ما الدور الذي لعبته في قرارك باحتراف الفن؟
كُون الدكتور محمود على فهمي فرقة صغيرة بالهيئة انضممت لها عندما كنت في الصف الأول الثانوي بمدرسة الجيزة الثانوية، وكنا نقيم حفلات في «حوش» هيئة التحرير، وننفق من مصروفنا الضئيل على التجهيزات المتواضعة، وندعو الأصدقاء والعائلات للحصول منهم على الثناء والتصفيق على ما نقدمه، وأتذكر أن أول دور قدمت نفسي فيه للجمهور في «هيئة التحرير» كان من خلال تجسيد لشخصية (صف صف) في مسرحية «قسمتى» للفنان الراحل نجيب الريحاني.. وأتذكر أنني نقلت فكرة مسرح هيئة التحرير إلى مدرسة الجيزة الثانوية، وأنشأنا فرقة تمثيل، وأصبحت العضو البارز بها، ونجحنا في الحصول على كأس الجمهورية، وأعتليت خشبة مسرح الأوبرا خلال تسلم الكأس وكانت سعادتي لا توصف.
** حسب قولك كانت السينما عشقك الوحيد..إلا أن نجوميتك لم تسطع فيها مثل الدراما والمسرح.. لماذا؟
بعد تخرجى في المعهد العالي للسينما، وقعت على إقرار استلام عمل في المسرح القومي، بعد اجتياز لجان القبول شديدة القسوة والأهمية، وأتذكر أن أحمد حمروش قال لي: «أوعى بعد ما نقبلك تسيبنا وتجري على السينما زي ما غيرك عمل»؛ حيث إن اغراءات السينما جعلت النجوم يهجرون المسرح، ومن بينهم شكري سرحان وفريد شوقي، وكان سبب توقيعي على إقرار استلام العمل في المسرح القومي؛ لأنني كنت اعتبره المدرسة الحقيقية التي سأتعلم فيها كيف أكون ممثلًا بحق.
** بصراحة.. هل لعب أحد المخرجين دورًا في إقصائك من المشهد السينمائي؟
أتذكر أن المخرج نيازي مصطفى، أشاع عني في الوسط الفني سمعة غير جيدة؛ بسبب حبي للتليفزيون، فخلال مشاركتي معه في فيلم «بلا رحمة»، طلبت لتصوير المرحلة الأخيرة من مسلسل «القاهرة والناس» الذي كنت أحد أعمدته الرئيسية، فحاول إبعادي عن العمل والتركيز معه في الفيلم؛ حتى إنه هددني بسحب الدور، ومع إصراري انصاع ورضخ، وبعد نهاية العمل معه نصح صناع ومخرجي السينما بعدم إعطائى أي أدوار، ولم أعمل معه مرة أخرى، حيث كانت هناك نظرية اقتصادية سائدة في هذه الفترة «من يعمل في التليفزيون كثيرًا يحرق نفسه كممثل ولن يشاهده الجمهور في السينما».
** بعد هذه السنوات.. هل لا تزال تذكر أول أجر حصلت عليه خلال مسيرتك الفنية؟
بعد تخرجي من معهد السينما، شاركت في أول فيلم لي «صبيان وبنات» بطولة يحيي شاهين ورشدي أباظة، وعملت يومًا واحدًا، كان لي 3 مشاهد جميعها مع الفنان حسن يوسف، وبعد انتهاء التصوير انصرفت ولم أطلب أي أجر.. يضحك:«بعد شهر تقريبا قابلت المنتج فؤاد صلاح الدين، وأعطاني 10 جنيهات مقابل مشاركتي بالعمل».
** ماذا عن أبرز الأدوار التي قدمتها في السينما؟
اشتركت في 25 فيلما سينمائيا، كان لي أدوار قوية ومهمة في بعضها مثل «بلا رحمة»، و«عودة للحياة»، و«من البيت للمدرسة»، و«لا شيء يهم»، والبعض الآخر مشاهد لا تسمن ولا تغني من جوع، أو كما يمكنني أن أقول «ملهاش لأزمة»، واعتبر أن فيلم «بلا رحمة» إخراج نيازي مصطفى، سيناريو عبدالحي أديب، من أهم الأعمال السينمائية في حياتي، كما أرى أن فيلم «لا شيء يهم» سنة 1973- من تأليف إحسان عبدالقدوس، وإخراج حسين كمال، من بطولتي والراحل نور الشريف، وصلاح قابيل، كان نقطة التحول في حياتي السينمائية؛ لأن الدور كان بارزًا جدًا والحملة النقدية كانت تؤيدني.
** ما النقطة الفاصلة في ابتعادك عن السينما؟
طلبني المخرج حسين كمال للاشتراك معه في فيلم «الحب تحت المطر»، لكننى اعتذرت له بسبب ضعف الدور، وقبل اعتذاري للأبد ولم يتعامل معي بعد ذلك، وبعدما قررت الابتعاد عن السينما، استجبت للاشتراك في فيلم «حلوة يا دنيا الحب» مع سهير رمزي ومحمود المليجي، ورضخت بعدما أعجبت بالدور، وكان لأول مرة يظهر صوت المطرب محمد الحلو على صورتي، وبعدها انهالت العروض السينمائية على، لكننى اتخذت قرارا بعدم الموافقة على أي دور إلا إذا كان يحمل إبهارا للجمهور.
** الفنان دائما يتذكر أعمال رفضها.. ماذا عنك هل لا تزال تتذكر أي منها؟
رفضت الدور الذي قدمه سمير صبري في فيلم «الوفاء العظيم» بطولة محمود ياسين، وظل العمل يذاع مع كل مناسبة وطنية على مدى 30 سنة، وأؤكد لك أنني ندمت على عدم المشاركة، وشعرت بـ«الغيظ»، كما رفضت العمل في فيلم «إعدام ميت»؛ لأن الدور كان أقل من تطلعاتي وما قدمته.
** ننتقل إلى محطة سينمائية ثانية.. تحديدًا فيلم «الرسالة» حدثنا عن هذه التجربة؟
«الرسالة» تجربة مثيرة، وشاهدت نظامًا عالميا مختلفا تمامًا عنا سواء في التصوير أو الإخراج وكل شيء، ولكن من أبرز سلبيات هذا العمل حدوث خلافات كثيرة جدًا على المنطقة التي عاش فيها «مصعب بن عمير» فتم حذف مشاهد كثيرة جدًا عن تجسيدي لهذه الشخصية، لذلك الدور لم يكن بارزا إلا في المشاهد الأولى من الفيلم، وبعد هجرة الحبشة حذفت كل المشاهد، لذلك التجربة لم تسعدني كممثل.
** من السينما إلى المسرح.. لمن تدين بالفضل في نجاحك على خشبة «أبو الفنون»؟
أدين بالفضل للراحل كرم مطاوع، فلم تنجب مصر قبله أو بعد رحيله مخرجا مسرحيا مثله؛ حيث كان مدرسة فريدة في الإخراج، حيث كان يأتي إلى البروفة كالبرنس الأنيق في كل شيء، لا يحمل ورقة أو قلما في يده، ولكن كل شيء مسجل في عقله كالكمبيوتر، وقبل بدء بروفات مسرحية «وطني عكا» حكي لي مشهد استشهاد «رشيد» الذي قدمته في آخر العمل، وكأنه يقرأ النص من الورق، وقدمت معه عددا منها «حدث في أكتوبر»، و«الجاسوس في قصر السلطان».
** وما العمل المسرحى الذي تعتبره بمثابة الانطلاقة النوعية في حياتك الفنية؟
اعتبر مسرحية «لعبة السلطان» تأليف فوزي فهمي، وإخراج نبيل الألفي، انطلاقة عنيفة وجيدة جدًا بالنسبة لي، وتعد من ضمن العلامات الفنية في حياتي على خشبة أبو الفنون.
** بصراحة..هل دورك في مسرحية «المحاكمة» سنة 2014 تجسيد لشخصية الرئيس المعزول محمد مرسي؟
لك أن تقول كما تريد، ولكنه عمل عالمي مأخوذ عن نص «ميراث الريح»، ويعد فيلما من كلاسيكيات السينما الأمريكية، وما قدمته كان تجسيدًا لشخصية المتشدد الديني، وليس له علاقة بشخص بعينه، كما أن التعصب الديني موجود منذ العصور الوسطى، وحصل العمل على 7 جوائز، كما حصلت من خلاله على جائزة التمثيل الأولى، وأريد أن أشير هنا إلى أننا قدمنا في 2012 في عز سطوة الإخوان مسرحية «في بيتنا شبح» تأليف لينين الرملي، وإخراج عصام السيد، وعُرضت على مسرح ميامي في وسط البلد؛ وهي تكشف الدور الخفي لجماعة الإخوان، ووقتها كانت المفرقعات على باب المسرح.
** من المسرح إلى الدراما.. هل تركيزك خلال مسيرتك على الأعمال التاريخية والدينية، له علاقة بالتزامك الديني أم حبك للفصحى؟
هناك قاعدة مهمة أؤمن بها بأن العمل الديني والتاريخي نادرًا ما يخلو من القيمة أو المعلومة حتى لو لم يكن مكتوبًا بشكل درامي جيد، إلا أنه يحمل في طياته القدوة والمثل، والمواقف النبيلة؛ لذلك كنت حريصًا على المشاركة في تلك الأعمال، وأريد أن أؤكد لك بأنني أشعر من خلال هذه الأعمال الدينية براحة الضمير كفنان؛ لأنها تعرف الناس الدين الحقيقي، حتى لا يقعوا في الضلال الذي أدي بنا إلى وباء التطرف والإرهاب الذي يهدد حياتنا جميعا.
** وما سبب انتشارك في مثل هذه النوعية من الأعمال؟
بدون شك له علاقة قوية بإتقان الفصحى، كما أنه في بداية السبعينيات لم يكن هناك ممثلون كثر يجيدون فن الأداء بالفصحي؛ لذلك الطريق كان أمامي مفتوحا، بجانب أن الله أنعم على بملكة الحفظ؛ حيث إن الدراما التاريخية صعبة ومشاهدها طويلة ومكثفة وتحتاج لممثلين لديهم قدرة على التركيز والحفظ.
** هل لعبت الظروف السياسية في فترة السبعينيات دورها في مشاركتك بالأعمال الدرامية التي أنتجتها بعض دول الخليج؟
بالتأكيد، حيث إن الظروف السياسية التي أحاطت بمصر فيما بعد معاهدة السلام مع إسرائيل، جعلت هناك اتجاها عربيا بعدم التعامل مع العامية المصرية، وإخفاء هذه اللهجة التي اكتسحت كل المنطقة العربية، فلجأوا إلى الأعمال الدرامية بالفصحي، واستعانوا بالفنانين المتميزين فيها، وكنت أحدهم، فمنذ 1975 حتى 1985 كنت خارج مصر، ما بين أثينا وبرلين ودبي ودول الخليج.
** وما سر إجادتك وتمكنك من الفصحي؟
الفضل بعد الله يرجع للإذاعي الكبير محمد الطوخي، حيث كان له ستوديو خاص للتسجيلات الصوتية، ينتج من خلاله أعمالًا كلها بالفصحى لدول الخليج وهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، وكان يستعين بأساتذة لغة، منهم الإذاعى صبرى سلامة، بجانب أنني كنت حريصا على شراء قواميس اللغة.
** كيف كانت تجربتك في تجسيد شخصية المريض النفسي في مسلسلي «حسابي مع الأيام»، و«عاد الماضي»؟
تجربة ناجحة بامتياز.. فقد كنت أول ممثل يجسد هذه الشخصية، وجلست مع الطبيب النفسي الراحل عادل صادق، وأساتذة كبار في الطب النفسي، لتقديم شخصية درامية بشكل طبي سليم، وكان هناك تفاعل من الجمهور مع شخصية المريض النفسي، لدرجة أن الشوارع كانت تخلو من الناس خلال وقت عرض المسلسلين.
** هل ندمت على مشاركتك في أحد الأعمال الدرامية؟
بالفعل كان مسلسل «مغامرات ميشو»، حيث أعجبت بالفكرة وتحمست لها لكنني صُدمت بالتنفيذ، فلم يكن الدور عند مستوى توقعاتي.
** ماذا عن المسلسل الذي يمثل النقلة النوعية في حياتك الفنية؟
بالتأكيد مسلسل «القاهرة والناس» الذي قدم في ديسمبر 1967 وولد من رحم النكسة وتأثيرها على الشعب المصري، حيث استمر عرض هذا العمل 5 سنوات حتى 1972، وكنا نتوقف ونعود للتصوير تبعًا لأي حدث جلل يحدث في مصر، والحدث الأقوي في العمل وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقدمنا 8 حلقات بعد رحيل الزعيم.
** هل قررت التمرد على الدراما بعد تقديمك الأعمال الدينية والتاريخية على مدي سنوات؟
بالفعل.. ظهر ذلك جليًا في مسلسل «حضرة المتهم أبي»، بعد تجسيدي لدور الوزير الفاسد، حيث كانت نقلة مخيفة بالنسبة للناس، بجانب دور اليهودي الغامض في مسلسل «متخافوش»، وشخصيتي في«الرحايا»، «جبل الحلال» كانت مرعبة وبمثابة «لطشات» عند الجمهور، لكنهم في النهاية تقبلوها.
** ما سر غيابك عن دراما رمضان 2019؟
رفضت المشاركة في أحد الأعمال؛ حيث اتضح لي عدم وضوح رؤية العمل بعد الحلقة 17، لذلك اعتذرت، وانسحبت لأنني لم أجد إجابة على أسئلتي حول ماهية وغرض العمل.
** وكيف شاهدت الأعمال الدرامية التي تم عرضها؟
في الحقيقة لم أتمكن من مشاهدة كل الأعمال، لكننى كنت حريصًا على رؤية ابنتي ريهام عبدالغفور في «زي الشمس»، كما شاهدت مسلسل «قابيل»، ورأيت أن هناك مجهودا وعملا واضحا.
** بشكل عام.. كيف ترى حال الفن حاليًا؟
الخط البياني للفن المصري في انحدار منذ أوائل التسعينيات وحتى وقتنا هذا، وكم صرخ الكثير وحذر من سحب البساط والريادة من تحت أقدامنا، وُدق ناقوس الخطر باقتحام الدراما التركية حياة المصريين، لكن لم ينتبه أحد، وأرى أن الدولة مشتركة في انهيار الفن مع القطاع الخاص؛ نتيجة الضمير الميت، وعدم تفكير أحد في مصلحة الوطن، حتى إن التراث تم بيعه، وتحققت النبوءة وأصبح الفن المصري في الذيل.
** من وجهة نظرك.. كيف يكون دور الدولة؟
الدولة هي الجهة المنوطة بها تقديم الفن الجيد، الذي يعكس آمال وطموحات وآلام وأحلام الشعب وليس القطاع الخاص، ولكن مع الأسف الشديد فإن الدولة كفت ورفعت يدها عن الإنسان منذ 5 سنوات، بعدما تمت تصفية شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، وغاب دور مدينة الإنتاج الإعلامي، وسقط جهاز السينما، حتى الإذاعة توقف العمل الدرامي فيها منذ 5 سنوات، وللأسف القطاع الخاص ينحدر بحال الفن إلى الدرك الأسفل.
** باعتبارك أحد الفنانين الكبار..ما الذي يمكنك فعله حيال وضع الفن الحالي؟
نسعى بقدر الإمكان في ظل الخلل الرهيب الذي نعيش فيه أن نقدم الحد الأدنى من الضمير اليقظ.
** وكيف تنظر لفترة جمال عبدالناصر؟
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان لديه مشروع ثقافي حقيقي، وفي عصره أنشئت قصور الثقافة، وأكاديمية الفنون، وحدثت الثورة المسرحية والثقافية والفنية التي نتغنى بها حتى الآن.
** هل اعترضت على دخول ابنتك ريهام مجال التمثيل؟
رفضت الأمر في البداية حرصًا على درستها في كلية التجارة، فلم يكن في خيالى اقتحامها عالم التمثيل، حيث كانت المسألة قدرية، وقررت الاستجابة لرغبتها بعدما «طلعت في دماغها».
** وكيف تقيم تجربتها كممثلة؟
أرى أنها نجحت في شق طريقها بنفسها، وفي الحقيقة لم اضغط عليها لتقديم أدوار بعينها سواء في السينما أو الدراما؛ لأن لديها النضج الكافي لانتقاء ما يناسبها، دون وصاية من أحد، ولكني لا أتأخر عنها بالنصيحة أبدًا.
** ماذا عن تحضيراتك في مسرحية «هولاكو»؟
«هولاكو».. مسرحية شعرية من تأليف الشاعر فاروق جويدة، وإخراج جلال الشرقاوي، ونحن في أشد الحاجة إلى مثل هذه النوعيات من المسرحيات؛ بعدما افتقدنا منذ سنوات طويلة صلاح عبدالصبور وعبدالرحمن الشرقاوي، ومن المتوقع أن يبدأ عرض العمل في النصف الثاني من أكتوبر المقبل، على خشبة المسرح القومي، وهذه المسرحية جذبتي وأعادتني للتمثيل من جديد بعد غيابي العامين الماضيين عن المسرح والدراما.
** كيف تقيم تجربتك نقيبًا للمهن التمثيلية عقب ثورة يناير 2011؟
كانت تجربة مريرة وصعبة للغاية وعانينا كل ما عانته مصر؛ وذلك بعد توقف عجلة الإنتاج وزيادة البطالة، لكن في كل هذه الصعوبات نجحت في رفع سقف العلاج للفرد والأسرة من 1500 جنيه إلى 15 ألف جنيه لكل فرد في الأسرة، وبدأت في تنفيذ مشروع الإسكان لأعضاء النقابة، وتم البدء في إنشاء دار للمسنين الت تفتتح قريبًا، وذلك بتمويل كامل من حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي بقيمة مالية 15 مليون جنيه، في الحقيقة شنت ضدي حروب ضارية من أصحاب اكتساب الحقوق عن ضلال وغير حق، ولكني واجهت وقاومت ولم أتخلى عن موقفي في الحفاظ على حقوق الأعضاء، ولدي مثل أعيش به: "أمش عدل يحتار عدوك فيك..فأنا مشيت عدل فالأعداء احتاروا فيا".
** لماذا رفضت خوض التجربة النقابية لدورة ثانية؟
كنت من أنصار التجديد واكتفيت بدورة واحدة وراض تماما بما حققته.
** ترددت خلال توليك منصب نقيب الممثلين شائعات حول انتمائك لجماعة الإخوان؟
يضحك ساخرًا: «كانت ضمن الحروب التي شنت ضدي، ولم يكن الأمر له أساس من الصحة».
** وما كواليس جلستك مع مرشد الإخوان محمد بديع لما يقرب من ساعة كاملة؟
كان من واجبي كنقيب للممثلين وأنا أرى الإخوان يتمكنون من مؤسسات الدولة استطلاع واستكشاف رؤيتهم لقضايا الفن والإبداع، وماذا سيصنعون حتى أستعد لهم، وذلك من باب «اعرف عدوك..ولو عرفته إزاى تحاربه»، وقيل لي وقتها من مرشد الإخوان:«اعملوا اللي تعملوه وإحنا حنعمل اللي نعمله»، وما علمته أن لديهم مشروعات مختلفة، وكانت لديهم نوايا لتقديم فن من وجهة نظرهم، مضاد للدولة.
** بعيدًا عن التمثيل.. ما المهنة التي تمنيت أن تعمل فيها؟
تمنيت أن أكون عازف بيانو؛ حيث أنني أميل دومًا إلى الموسيقى.
** ما هواياتك غير التمثيل؟
القراءة على رأس أولوياتي، واحرص على متابعة مباريات الكرة عندما تتاح لي الظروف، لكني لا أنتمي لنادٍ معين.
** وماذا عن أبرز الكتاب الذين تحرص على متابعة كتاباتهم؟
بعد رحيل الأديب نجيب محفوظ، لا يوجد كاتب يعجبني، لكنني في الشعر اقرأ المقاطع القديمة لفاروق جويدة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"