رئيس التحرير
عصام كامل

ديمقراطية بريطانيا والدول المتقدمة!


النخبة السياسية والمثقفة في بلادنا وبلاد أخرى عربية وأفريقية التي ظلت دوما تطلع إلى محاكاة ديمقراطية أمريكا والغرب وتعتبرها هي النموذج والمثل الذي تسعى إلى تطبيقه في بلادنا، لا بد وأنها تلقت صدمة قوية بقرار تعطيل البرلمان البريطاني الذي سعى إليه رئيس الوزراء البريطاني ليتجنب معارضة قوية كان ينتظرها لقراره الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.


فقد كشف ذلك أن واحة الديمقراطية في الغرب ليست غناء وليست أشجارها وارفة وأزهارها مزدهرة.. بل إنها بمثابة خدعة مرتبة ومنظمة وبعيدة عن المثل والأحلام الديمقراطية التي راودتنا كثيرا.. وان الفارق بيننا وبين الغرب ليس فارقا بين دول متقدمة تتمتع بالديمقراطية وأخرى لم تبلغ التقدم وتفتقد تلك الديمقراطية.. إنما هو فارق بين دول رتبت أمورها جيدا لتبدو أنها تحظى بالديمقراطية، ودوّل أخرى لم تفعل ذلك!

ها هو "جونسون" رئيس الوزراء البريطاني الجديد ليجنب نفسه معارضة مزعجة وهو يتخذ خطوة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي عنوة وبدون اتفاق، يتخلى حتى عن التظاهر بالتمسك بأمطاره الديمقراطية التي كانت بريطانيا تتباهى أنها مهد هذه الديمقراطية، غير مكترث بالطعون القضائية التي بدأت داخل بريطانيا، بل وداخل حزبه (المحافظين) ضد تعطيل البرلمان البريطاني.. لقد أثر اللعب على المكشوف بعد أن خلع الرداء الديمقراطي الذي كانت بريطانيا تتزين وتتباهى به!

غير أن النخب السياسية لدينا لو كانت قد أمعنت النظر قليلا في الصورة الديمقراطية الغربية لما فاجأها قرار تعطيل البرلمان البريطاني.. فقد سبق "جونسون" "ترامب" في خرق القيم والمثل الديمقراطية علنا.. وسبقه أيضا ما حدث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وما أثير حولها وما زال، من تدخلات روسية!

يا سادة لقد كنّا نتابع عملية تم ترتيبها بأحكام لتبدو شعوب الدول الغربية تحظى بديمقراطية عظيمة، وأنها هي صاحبة القرار في بلادها.. ولذلك انخدع بها البعض وأخذ بمنى النفس بمحاكمتها في بلادنا.. ولكن قرار تعطيل البرلمان البريطاني جاء ليؤكد أن ديمقراطية الغرب هي خدعة، وأن الساسة في الغرب لم يعد يهمهم أن تكون اللعبة الديمقراطية في بلادهم متقنة، لأنهم أرادوا اللعب السياسي على المكشوف كما يحدث في العديد من الدول النامية.
الجريدة الرسمية